د.عبدالعزيز الجار الله
العالم أصبح محاصراً من الأرض والفضاء، صورة أخرى من حرب النجوم في الثمانينات والتسعينات التي كانت ما بين أمريكا، وبين الاتحاد السوفييتي قبل أن يتفكك الاتحاد السوفييتي عام 1991م ليصبح روسيا، لكن حرب اليوم حرب السيبراني المدمر والذي يطلق عليه الخبيث، مما يدمر الدول دون حروب تقليدية وتحريك جيوش، لأنه يصل إلى وزارات الطاقة في الدول النووية ويدمرها وقد يحدث انفجارات نووية ويطلق صواريخ ويعطل أجهزة الإنذار والأجهزة الدفاعية، وينتقل إلى أجهزة المعلومات وبيانات القطاعات والبنوك والأحوال الشخصية ويدمرها ويعطبها، وحتى المستشفيات والجامعات وأنظمة التعليم والطائرات والقطارات ويفشل جميع المشروعات العسكرية والمالية والخدمات الاجتماعية.
الأمر في غاية الخطورة، وبخاصة على الدول النووية التي تمتلك الأسلحة النووية التي اعتبرته رادعاً للدول المعادية لها، وخطراً على دول العالم حيث ستتوقف كل أنواع الأنشطة والأعمال التي تعمل بالطاقة النووية، وتتعطل التكنولوجيا وربما يحدث انهيار كامل، فالعالم متجه إلى حرب شاملة أقطابه: أمريكا، وروسيا، والصين، والاتحاد الأوروبي. وكأنه نهاية حقبة وبداية حقبة أخرى، مثل ما حدث بعد الحرب العالمية الثانية، تشكيل قوى جديدة، ظهرت أمريكا على ساحة الأحداث الدولية كأقوى دولة وتضاءلت بريطانيا التي لا تغيب عنها الشمس.
العالم يتشكل من جديد. الحروب السيبرانية مؤشر على واقع جديد سيدخله العالم وقد بدأت إرهاصاته في المصادمات الحاسوبية والوصول إلى معلومات وزارات الطاقة، وتحرك الدول المسعور بهذا الاتجاه، وإذا لم يعد العالم إلى رشده فإن تدميراً متوقعاً وهذه المرة لن تكون حرباً تقليدية كما كانت الحرب العالمية الأولى والثانية.
هل سيكون للعالم عقول حكيمة تحافظ على زمام الأمور قبل أن تفلت عن السيطرة، وتصل إلى درجة التهديد والفعل رغبة منها في إخضاع الآخر بين القوى الثلاث أمريكا وروسيا والصين، وهل هي مواقف انتقامية من مواجهة الثمانينات بين روسيا والغرب، أو الموقف الصيني ضد السياسات الغربية، أشياء كثيرة تدور في دهاليز الدول لكنها في حدها الأدنى شرارة مخيفة ستحرق العالم.