سام الغُباري
الأغبياء، هم أولئك الذين لم يجدوا متعة سوى تنظيم سباق «للكلاب»، شاهدوا شيئًا من ذلك على شاشة فيلم أمريكي، ثم قالوا لِمَ لا نفعل مثله؟
كانت الجراء تتسكع في مدينتي عقب منتصف الليل، حين كنت هناك، كنت أسمع نباحًا متصلاً، وإذا ما ألزمتني قعدة مع رفاق متأخرين في النوم، أخرج من بينهم إلى شارع مقفر، تبدو إنارته معدمة، وصدى النباح يشق الظلام كسيف يخترق الزمن وصولاً إلى أذني وأحشائي.
قرأت أن الكلاب تشتم رائحة الادرينالين في جسد الإنسان الخائف، فترى فيه فريستها، منذ تلك الأيام لم أكن أمضي وحيدًا نحو غرفتي، تزوّدت بأحجار كثيرة، أقبض عليها بين أصابعي، محاولاً المشي بثقة، حاولت أن أتعلم ذلك، ونجحت.
في اليمن أغبياء، ظنّوا أن «الكلاب» التي استأجروها في حلبة سباق ستوصلهم إلى النصر، أو الثراء. إلى الضحك والمتعة، حين يتندرون في مقايلهم على خيبة منافس من «كلبه» الخاسر.
المواطنون مثلي، عبأوا جيوبهم بالحجارة، وقبضوا عليها بين أصابعهم، إذ تملكهم الخوف من سُعارها، فيما حفلت تلك السنوات بحمل الكلاب من الشوارع، وتدريبها على السباق، وكأي ملهاة، أو حُلم، انقلبت حكاية أصحاب الكهف، فبقوا في كهفهم وخرج الكلب يعوي مثل ذئب. صارت الحلبة ثورة، والعواء شعارها!.
هرب الناس، شَرَدوا إلى أعالي الجبال، وأعلن كبير الكلاب أن صنعاء يحكمها كلب من فصيلة مقدسة!. في الذكرى الأولى للثورة، قال كبيرهم: «هل تظنون يا بني آدم أن على الكلاب - فقط - أن تبقى وفية لكم، تهز ذيلها وتأكل من فضلات طعامكم»، ثم رفع قائمتيه الأماميتين، وبدا بريق خاطف لخاتم ماسي يلمع في وجه الكاميرا، مضيفًا بحزم: «من جاء معنا سنكرمه ونعلي جاهه»، بعد أيام تسرب عدد من بني آدم نحو صنعاء، مشوا على أربع، هزوا مؤخراتهم، ونبحوا..
في تلك الأثناء كان «الكلب الكبير» يراقبهم، يضحك ولسانه يتدلى بين شدقيه، ويرمي لهم «عظمة» في الهواء..
حدث ذلك في «صنعاء» !
** **
- كاتب وصحافي من اليمن