عثمان بن حمد أباالخيل
صُدمت وهناك الكثيرون ممن هم مصدمون من واقع الكثير من البشر الذين نعرفهم أو يعيشون في محيطنا كيف أن حالهم يختلف كما تختلف فصول السنة. ليس مستغرباً اختلاف حال بعض الناس في الواقع الافتراضي عن حالهم في الواقع الاجتماعي الحقيقي هم يزينون أنفسهم ويعطونها صفات إنسانية مميزة في تعاملهم في تفاصيل حياتهم، لكن الواقع الحقيقي هم ليسوا كذلك، هم يديرون ظهورهم ولا يكترثون بما يقال عنهم وبما يسمعون. أتساءل كم هي عدد الأقنعة التي يلبسونها، هل تعلَّموا من الحرباء التي تُغير لونها بحسب المحيط التي تعيش فيه أو تمر فيه، نعمة يعيشها الإنسان فهو ينسي في كثير من الأحيان ما حدث، لذا سُمي الإنسان إنسانًا من النسيان أم الإيناس، وهو الإبصارُ والعِلمُ والإحساس وتجاهل أولئك الذي يلبسون الأقنعة.
صدمني الواقع الذي أصبح واقعاً أعيشه مع بعض الآخرين الذين يظهرون ما لا يبطنون وتقبلته وحين أرفضه ربما أصبح وحيدًا. ما أكثر الذين يرفضون الواقع لكنهم يعانون من انحسار دائرة معارفهم ويرفضون التأقلم بواقع من هم يرفضون الواقع الحقيقي. من المؤلم أن نحكم على تصرفات الآخر بمجرد سماعنا ممن ينقلون أخبارهم دون التعامل معهم، وهذا سر الحكم المسبق، قرار قبل الوقوف على الحقائق التي ربما ترى جمال التعامل والخلق الحسن.
وسائل التواصل الاجتماعي بكل ألوانها وأشكالها تسهم مساهمة كبيرة في بيان الفجوة الكبيرة بين الحقيقة والواقع الاجتماعي، الكثير من الناس الذين يكتبون ويغردون وينقلون وينسخون من الحكم والنصائح والتغريدات الجميلة لا تمثلهم في الغالب إنما حب الظهور والتميز دفعهم لسلوك هذا الطريق، للأسف هناك فئة ترسل ولا تعلم ولا تعرف ماذا أرسلت، إنها حقيقة الواقع. شخصيًا أعرف ناسًا يرسلون حكمًا وتغريدات ونصائح دينية لا تمثلهم وبعيدة عن أفكارهم وقناعاتهم. بالتأكيد أنتم تعرفون الكثير ممن حولكم الذين يمشون في الاتجاه المعاكس. الواقع يختلف، نعم يختلف، وعلينا التنبه أن معظم ما يأتيك على جهازك الجوال لا يعبِّر عن مرسله.
هناك من امتطى حصان الرومانسية الجميل وهو ليس رومانسيًا، وهناك من قدم باقة ورد وهو لا يعرف ماذا تعني ألوانها، وهناك من ينصح بحب كبار السن وهو لا يحبهم، وهناك من ينصح بالابتعاد عن عقوق الوالدين وهو عاق، وهناك من يدعي الكرم وهو بخيل، وهناك من يدعي برمي الزوجة بوردة وهو يعاملها أسوأ معاملة، وهناك من يحاول أن يتناول الطعام بأصول الأتيكيت وهو لا يعرف أي شيء من الأتكيت. أليس هذا واقع مختلف يعيشه الكثير من الناس.
من أقوالي: (لا يهم من تكون، المهم أن تعرف من تكون). همسة لأولئك المختلفين: كونوا كما أنتم ولا تكتبوا ما يخالف واقعكم وتكونوا في عيون الآخرين كالببغاء تردد وتقول ما تسمع، فكّر لماذا أنت وأنتِ تختلفون بين الحقيقة والواقع الاجتماعي.