رقية سليمان الهويريني
كنت أغبط بعض الدول المتقدمة التي تنقل عنها وسائل الإعلام توجيه اتهام لوزراء أو نوابهم أو وكلائهم أو مديري إدارات بالرشوة أو الفساد أو الاختلاس وتتم محاكمتهم على مرأى ومسمع الناس! وكنت أطمح أن تصل بلادي لهذه المرحلة من النزاهة والنقاء.
وبحمد الله أصبحنا في هذا العهد الزاهر نرى ونسعد بما وعدنا به سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بقوله (لن يكون أحد بمنأى عن المساءلة سواء وزير أو أمير) وهذا الوعد يمثل منتهى أشكال الشفافية. ولعلنا سمعنا عن متنفذين وقضاة وكتاب عدل وضباط برتب عالية أو حتى موظفي مراتب متوسطة ودنيا كشفتهم هيئة الرقابة ومكافحة الفساد وأحيلوا للنيابة العامة. فالرقابة والشفافية أمانة وضعها القائد في عنق المسؤول ومنها يستمد الشعب الثقة منه والولاء له.
وأشد تحد تواجهه الحكومة والمجتمع هو النزاهة والشفافية، وأقصد بها تحمل المسؤولية وارتباط القول بالفعل من لدن المتنفذين ومن أَوْكَلت لهم القيادة إدارة العمل المناط بهم.
وأجزم أنه خلال السنتين الماضيتين لمس المواطن إقالة وعزل متنفذين أعاقوا برامج التنمية أو أخلوا بالميثاق أو أهملوا في مسؤولياتهم المطلوبة، أو امتدت أيديهم لمال الدولة. وبالمقابل أصبحنا نشاهد أمامنا مراحل موازنة الدولة (الربعية والسنوية) بكل وضوح وطمأنينة. وطالما سرنا على هذا المنوال فسنحقق في كل عام موازنة هي الأفضل حينما يتم وضع كل ريال رصد فيها في موضعه.
ولئن كانت الشفافية واحدة من مبادئ الحوكمة؛ فلأنها سلاح نافذ لمحاربة إساءة استخدام السلطة، ومقاومة أشكال الفساد من اختلاس ورشوة ومحسوبية، وغياب الشفافية يفتح باب شر الفساد ويوهن قوة الدولة، كون الشفافية مبدأ تنموي استثماري واقتصادي تتطلب الإعلان والإعلام والإفصاح - بمصداقية عالية - عن الأنشطة والبرامج التي تنفذها الوزارات والهيئات وحتى القطاع الخاص.
وبرغم أن الشفافية مبدأ، فقد تحولت لثقافة عالمية إصلاحية، لذا تقوم الحكومات الناضجة بتفعيل كافة القوانين والقرارات الداعمة لها، ونشر المبادئ والقيم الداعية للإصلاح من خلال الكشف عن مواطن الفساد وتشخيصها ودراستها والبحث عن أسبابها وإيجاد حلول ووسائل لعلاجها وتلافيها ومحاربتها.