كان النجاح الحاسم لدبلوماسية الولايات المتحدة هو تحول ألمانيا من أحد ألد أعدائنا إلى أحد أقرب حلفائنا ثم توّج هذا النجاح قبل 30 عامًا عندما ساعدت الولايات المتحدة الألمان في تحقيق التوحيد السلمي لألمانيا.
لقد كان الأمريكيون والألمان شركاء لا غنى عنهم لبعضهم البعض وستظل مجتمعاتنا مرتبطة ببعضها البعض في مجال الأعمال والثقافة. وتشكل اقتصادياتنا معاً أكثر من 5 تريليونات دولار في مجال التجارة عبر الأطلسي وتوظف أكثر من 15 مليون شخص. أمريكا وألمانيا هما قلب التحالف في منظمة حلف شمال الأطلسي، وعلاقاتنا مع الاتحاد الأوروبي، وجهودنا معاً تهدف إلى بناء قارة يمكن، على حد تعبير الرئيس جورج بوش الأب، أن تكون حرَّة.
عندما نكون على نفس التوجه، غالبًا ما يكون التحالف بين الولايات المتحدة وألمانيا محركًا يقود الجهود الدولية لمواجهة التحديات العالمية، ولكن عندما تختلف التوجهات، فإننا غالبًا ما نكون عائقاً لمثل هذه الجهود. وبعد مرور ثلاثة عقود، فإن التحالف يمر بفترة تحتاج إلى إعادة تعريف ليصبح مهمًا لكلا جانبي المحيط الأطلسي.
الأساس المجتمعي لتحالفنا معا يعيش حاليا فترة تغيير، وفي حين أن الأمريكيين لديهم نظرة إيجابية عن الألمان لكنهم لا يولون اهتمامًا كبيرًا للمحركات الألمانية الداخلية، كما أنهم في حالة ارتباك في التعالم مع التعقيدات المحلية في أوروبا. وبالمثل، هناك كثير من الألمان ليس لديهم اتصال أو فهم يذكر بالمجتمعات الجديدة النشطة في النقاشات السياسية في الولايات المتحدة، وغالبًا ما يفاجأون بتلك التقلبات والانعطافات في الثقافة الأمريكية، وتبدو الانقسامات بين الأجيال واضحة أيضًا حيث يتعاطف العديد من الألمان الأكبر سنًا مع الولايات المتحدة التي احتوت قوة الاتحاد السوفيتي، وضمنت أمنهم، وعزَّزت المصالحة بعد الوحدة الألمانية بعد أن عملت على التوحيد السلمي لألمانيا.
من جهة أخرى ينخرط العديد من الشباب الألمان في جمعيات مثل (حرب العراق)، و(خليج غوانتانامو)، و(المراقبة الحكومية)، و(الرأسمالية الجشعة)، و(العنف المسلح)، و(الانسحاب من التعهدات العالمية)، و(الهجمات على الهجرة)، و(الظلم العنصري المنهجي.)
أصبح الأمريكيون يتوقعون المزيد من ألمانيا الموحدة في الوقت الذي أصبح فيه الألمان يتوقعون أقل من الولايات المتحدة. إن أعظم أوجه العجز عبر الأطلسي التي نواجهها ليست الاختلالات التجارية أو الانقسامات الرقمية أو الأعمال العسكرية بل هناك تفاوتات في المشاعر والثقة. وتتفاقم هذه الاضطرابات بسبب الدور الذي تلعبه كل دولة من دولنا داخل أوروبا. ألمانيا،التي كانت المصدر التاريخي للقلق، تحولت إلى مصدر للطمأنينة، في حين أن الولايات المتحدة،التي كانت المصدر التقليدي للطمأنينة، أصبحت فجأة مصدر القلق.
ألمانيا، الدولة التي كانت تجسد الانقسامات في أوروبا ذات يوم، أصبحت اليوم هي قلب القارة التي تشهد تغيرًا هائلاً. حتى قبل ظهور فيروس كورونا، أصبح دور ألمانيا مهمًا، حيث تم تصنيفها كأكثر الدول إثارة للإعجاب في العالم في آخر ثلاثة استطلاعات سنوية أجرتها مؤسسة (جالوب)، كما تعزّز نفوذ ألمانيا في القارة الأوربية بعد قرار بريطانيا بالتخلي عن الاتحاد الأوروبي ويواصل الاقتصاد الألماني التحكم بالآفاق المالية عبر القارة. لقد كانت استجابة ألمانيا لفيروس كورونا أسرع، ومن المرجح أن تتعافى من تلك الجائحة بشكل أسرع من العديد من البلدان الأخرى في قارة أوروبا.
في الماضي، كانت ألمانيا تنبعث منها حالة من عدم اليقين بينما تضطلع اليوم بمهمة استخدام مركزيتها لتوليد الثقة لمواطنيها والبلدان الأخرى.
في الماضي، طمأنت الولايات المتحدة ألمانيا والدول الأخرى. اليوم، فإن واشنطن التي أصبحت مصدر قلق، نجدها تبتعد عن دورها التقليدي كقوة في أوروبا، قوة كانت منخرطة على نطاق واسع مع القارة، وداعمة للحلفاء وملتزمة بمعالجة التحديات. إنها تتحول ببساطة إلى وجود مشارك بشكل انتقائي بعد أن أصبحت تركز أكثر على التخلص من الأعباء بدلاً من المشاركة فيها. كل هذه التحولات دفعت التحالف بين الولايات المتحدة وألمانيا إلى أن يصبح في أدنى مستوى منذ سبعة عقود .
من غير الواضح ما إذا كان بإمكان الأمريكيين حشد الصبر، والألمان حشد الإرادة، لإعادة تشكيل تحالفهما في هذا العصر الجديد الفوضوي.
** **
دانيال هاميلتون هو باحث بمؤسسة مشروع مارشال النمساوية ومدير برنامج أوروبا العالمية في مركز ويلسون - عن (ذي هيل) الأمريكية