واس - الرياض:
ناقش أمس كل من معالي وزير التجارة الدكتور ماجد بن عبدالله القصبي، ومعالي وزير البيئة والمياه والزراعة المهندس عبد الرحمن بن عبد المحسن الفضلي، ومعالي وزير النقل المهندس صالح بن ناصر الجاسر, خلال مشاركتهم في الجلسة الثانية لملتقى ميزانية 2021, تأمين سلاسل الإمداد خلال الأزمات.
وأشار معالي وزير التجارة إلى أن سنة 2020م كانت سنة استثنائية؛ إذ باغتت جائحة كورونا العالم كله، مؤكدًا أن التاريخ سيتذكر أنها سنة شهدت وفاة ملايين من البشر بسبب فيروس كورونا (كوفيد- 19), كما سيذكر الجميع أنها السنة التي اتحدت فيها كل دول العالم في تجلٍّ إنساني في سبيل صحة الإنسان, وهي السنة التي حولت كل الأنماط في كل المجالات؛ إذ أسهمت في تنشيط التجارة الإلكترونية، ومثل ذلك التعليم عن بعد، والعمل عن بعد، فيما يتعلق بالشأن الصحي.
وعن تعامل المملكة مع هذه الجائحة، وآثارها على مستوى التجارة، أوضح معاليه أن استشعار المملكة للخطر في بدايات الأزمة أسهم في مباشرة التخطيط الاستباقي بمتابعة وفرة السلع في الأسواق وفي المستودعات، والوقوف بدقة على تحديد السلع الحساسة التي بلغ عددها 218 سلعة؛ لمراقبتها من مصدرها حتى وصولها للمستهلك، ومتابعتها بصفة دورية،؛ إذ جرت مراقبة الأسواق والأسعار، وفرض تقييم مستمر, ولاسيما أن جائحة كورونا أثرت في العرض والطلب، وحتمت تغيير النمط. مفيدًا بأنه بفضل من الله، ثم برؤية المملكة 2030، استطعنا وضع الخطط الاستباقية, وتمكنّا عبر ذلك من وضع حد لآثار هذه الأزمة, وظل الدواء والغذاء في الأسواق متوافرَين على حد سواء، وهو ما اتفق عليه وزراء التجارة بدول مجموعة العشرين خلال 3 اجتماعات عقدوها؛ إذ رأوا بالإجماع ضرورة انسياب عملية فتح الأسواق، ومثلها فيما يتعلق بالسلع والدواء والغذاء والمستلزمات الصحية، عادين ذلك أمرًا لا بد منه. مشيرًا إلى أن إجماع الدول كلها على هذا الأمر، والدعوة بقيادة المملكة التي استشعرت مسؤوليتها إلى ذلك، لاقى الترحيب والموافقة من جميع دول العالم، رغم التوترات التجارية بين بعض الدول، في حين استطاعت المملكة باقتدار - بفضل الله تعالى - أن تضمن انسياب السلع والغذاء، وكذلك ممرات الشحن البحري؛ وهو ما أسهم في استمرار وصول السلع والأدوية إلى الأسواق.
وقال معاليه: «إن جائحة كورونا مكنتنا من القيام بمرحلة من المحاسبة والتقييم لأدائنا. وهذه هي شيمة الأزمات عادة؛ إذ تزيد من فرص تقييم الأداء رغم الضغط والوقوف بوضوح على الأخطاء والسلبيات، ومثلها التمكن من فتح آفاق للتطوير، بالتنسيق والتعاون والشراكة بين مختلف الجهات ذات العلاقة, وهو ما حدث بالفعل؛ إذ تمخض تعاون الجهات عن الخروج ببنك من البيانات، ومعرفة كل ما هو موجود داخل البلد، والخارج منها، ومراقبة ذلك بما يسهل تطويرها وتقييمها».
من جانبه، أكد معالي وزير البيئة والمياه والزراعة في بداية حديثه أن منظومة البيئة والمياه والزراعة تمكنت من الإسهام في تحقيق الوفرة الغذائية والأمن الغذائي في ظل استمرار جائحة كورونا، بفضل دعم القيادة الرشيدة المتواصل، والجهود التي بُذلت خلال الأعوام الأربعة الماضية لبناء إطار مؤسسي لمنظومة الأمن الغذائي الذي يُعد حجر الزاوية في قوة منظومة سلاسل الإمداد بعد إقرار استراتيجيات الأمن الغذائي والزراعة.
وكشف معاليه أن ما يتم تنفيذه من محطات تحلية المياه حاليًا يفوق ما أنجز خلال الـ 40 عامًا الماضية في جميع مناطق المملكة، وذلك بفضل العمل المتسارع على برنامج خصخصة قطاعات الإنتاج والتوزيع والنقل، إضافة إلى إحراز تقدُّم في مؤشرات الأمن الغذائي العالمية، والنجاح في تحقيق اكتفاء ذاتي في الكثير من المنتجات الأساسية. وقال المهندس الفضلي: «إن استراتيجية الزراعة ركزت على التقنيات الحديثة في القطاع، وتحديد الميز النسبية لكل منطقة، وتلبية طلب السوق المحلية من المنتجات الغذائية». مبينًا أن استراتيجية الأمن الغذائي حددت 8 سلع أساسية للأمن الغذائي، إضافة إلى 11 سلعة مكملة لها. مشيرًا إلى أن الدعم الذي قدمه صندوق التنمية الزراعية للقطاع الخاص ارتفع من 500 مليون ريال في 2015م ليبلغ مليارَي ريال في 2019م. وبنهاية العام الجاري 2020م ستصل القروض إلى 3.7 مليار ريال؛ وذلك لتعزيز الاستثمارات المحلية في القطاع الزراعي، وتنمية وزيادة المحتوى المحلي.
وأبان معاليه أن الوزارة تمكنت من تحقيق اكتفاء ذاتي في الكثير من السلع والمنتجات الغذائية؛ إذ بلغ الاكتفاء الذاتي من الدواجن نحو 65 %، ومن منتجات الخضار 65 %، وذلك بفضل تضافر الجهود بين الجهات الحكومية والخاصة، إضافة إلى أن المؤسسة العامة للحبوب حصلت على دعم تجاوز المليار ريال لزيادة المخزون الاستراتيجي من الحبوب؛ إذ حقق القطاع الزراعي معدلات إنتاج عالية، رفعت إسهامه في الناتج المحلي إلى 61.4 مليار ريال؛ وهو ما يعادل 2.33 % من الناتج الإجمالي، وبما يعادل 4.02 % من الناتج المحلي غير النفطي في العام الماضي.
وأوضح الفضلي أن الوزارة استطاعت أن تقدم نجاحات ومنجزات كبيرة في قطاع المياه؛ إذ أطلقت الوزارة نظام المياه الذي أُقر من قِبل مجلس الوزارة؛ لينظم كامل قطاع المياه، ويحافظ على مصادرها، وينظم شؤونها، ويوضح الحقوق المتعلقة بها، إضافة إلى قيام الوزارة بدور المنظم لقطاع المياه.
وبدوره، أوضح معالي وزير النقل أن العمل الحكومي خلال الجائحة تميّز بالمهنية العالية والتكامل وجرأة اتخاذ القرارات.. لافتًا الانتباه إلى أن صحة الإنسان كانت في مقدمة الأولويات، ومبينًا أن سلاسل الإمداد وتوفير الإمدادات التمويلية والخدمات اللوجستية كانا دائمًا محل اهتمام ومتابعة. مؤكدًا أن الإمدادات التي تصل لأسواق المملكة من الخارج تقدر بـ 90 %؛ إذ كان هناك زيادة في عدد الحاويات التي وصلت أو صدرت من المملكة، بما يقارب 5 %، وذلك في ظل الانخفاض للحركة التجارية العالمية؛ إذ بلغ الانخفاض العالمي قرابة 15 %؛ ما يؤكد أن سلاسل الإمداد للمملكة كانت متينة وذات مرونة عالية.
وأبان معاليه أن عملية المسافنة (أي مرور البضائع من دولة إلى دولة أخرى عبر المملكة) شهدت زيادة تجاوزت 10 % خلال الأزمة. موضحًا أن إدارة الموانئ، والشركات العاملة بها، تعمل بانتظام كبير في ظل تطبيق الإجراءات والبرتوكولات الصحية بشكل دقيق. مبينًا أن الخدمات اللوجستية عبر الطائرات كانت ذات أداء متميز، ولاسيما أن حركة النقل الجوي في الأوقات العادية، أي ما قبل الجائحة، تصل إلى 60 % عبر طائرات الركاب، فيما توقفت الحركة نهائيًّا في بداية الأزمة؛ ما أدى إلى تكثيف حركة النقل فيما يتعلق بطائرات الشحن، وأُعيدت جدولة رحلات إضافية لتسيير رحلات بغرض الشحن؛ الأمر الذي وفر طاقة نقل بلغت نحو 65 ألف طن من المواد التموينية والمواد الطبية عبر الطائرات. مؤكدًا أن العمل المؤسسي المتناغم مع الجهات الأخرى، كالجمارك، والجهات الصحية، إضافة للجهات الأمنية، كان بشكل استثنائي؛ ما انعكس على الوضع التمويلي وسلاسة الإمداد طوال فترة الجائحة.
وأوضح معاليه أن حكومة المملكة قدمت عددًا من الإجراءات المتصاعدة، تتوافق مع الهدف الأساسي الذي وُضع لسلامة وصحة الإنسان في المقام الأول. مبينًا أن هذه القرارات تتعلق بالرحلات الجوية, وأن قطاع النقل أسهم في التعامل مع الجائحة لإعادة المواطنين من خارج المملكة، وسفر رعايا الدول الأخرى الموجودين داخل المملكة الذين يرغبون في العودة لبلدانهم وفق البروتوكولات الصحية.
وأكد الجاسر أن وزارات النقل والخارجية والداخلية والسياحة عملت معًا كفريق واحد لوضع إجراءات منظمة، وجدولت الرحلات لقدوم أكثر من 60 ألف مواطن بسلاسة عالية. مشيرًا إلى أنها كانت تجربة نفخر بها وبإتمامها بالشكل المطلوب.