د. محمد بن إبراهيم الملحم
الأسبوع الماضي علَّقت على نتائج الدراسة الدولية تيمز 2019 TIMSS تعليقاً أولياً، وأقدم اليوم المزيد حول هذه النتائج، والتي كما ذكرت جاءت موافقة لنتائج مشاركتنا عام 2011 كما كانت أعلى من نتيجتنا عام 2015، ولعلي أؤكد أن هناك اتساقاً في نتائجنا عند النظر إليها على مدى كل أعوام المشاركة منذ أول مشاركة عام 2003 والتي كانت بالصف الثاني متوسط فقط، بينما البقية بعد ذلك (2007 و2011 و2015 و2019) كانت في الصفين الرابع ابتدائي والثاني متوسط، وخلالها كانت أرقامنا في الصف الثاني المتوسط كالتالي بدءاً من 2003 على الترتيب : في الرياضيات 332، 329، 394، 368، 394 وفي العلوم كانت: 398، 403، 436، 396، 431، ويلاحظ فيها شيء من الاتساق ماعدا الرقمين 368 للرياضيات و396 للعلوم والممثلين لسنة 2015، حيث كان النزول مؤثراً جداً، إذ انخفضت الرياضيات 26 نقطة عن السنة السابقة وانخفضت العلوم 40 نقطة عن السنة السابقة؛ مما يطرح تساؤلاً حول مدى جودة المشاركة في ذلك العام أعني 2015، فإما أن المشاركة كانت غير جادة، أو أن شيئاً حدث قبل فترة الاختبار متعلقاً بهاتين المادتين كان له تأثير على أداء الطلاب.
وفي تأمُّلي لعناصر الأداء التعليمي : التدريس، المنهج، الأنظمة والبيئة التعليمية، وجدت أن منهج هاتين المادتين حدث له تغيير في الانتقال من المناهج الوطنية إلى مناهج ماكجروهيل التي كان مشروعها بين عامي 2005 و2010 تقريباً (لا أتذكر الآن متى نزلت للميدان بالضبط لكن بين هذين التاريخين)، فربما كان هذا التغيير الكبير له أثره المهم، خاصة عند النظر إلى ما يصاحبه من احتياج إلى تدريب وتهيئة للمعلمين بالإضافة إلى ما تميزت به هذه المناهج من مادة دسمة جداً ولغة وأساليب جديدة كلياً على كل من الطالب والمعلم، وهذا يعني أن طلاب اختبار 2011 كانوا غالباً درسوا بالمقررات الوطنية السابقة والتي هي مستقرة عبر مدى من الزمن، ولذلك فالتدريس مستقر معها أيضاً وملاءمتها للطالب قد درست جيداً عبر سنوات التطبيق منذ تم تأليفها، أما الطلاب الذين قدموا اختبار 2015 فهم من درسوا هذه المناهج بين 2011 و2014 (من صفوفهم العليا في الابتدائي حتى الصف الثاني متوسط وهو صف التطبيق)، فتكون إحدى مترتبات تعاملهم مع المناهج الجديدة فترة تجريبها أو بداية تطبيقها إن صح القول هي نتائج منخفضة نسبياً كما شوهد في تيمز 2015، هذا تفسير محتمل أقدمه للباحثين ولا أجزم به، بيد أني أجده منطقياً جداً.
جانب آخر أود أن أشير إليه في النتائج وهو مدى وصول طلابنا إلى المعايير الدولية باختلاف مستويات التمكن المهاري والمعرفي، فبحسب تصنيف اختبار تيمز فإن الطلاب يقسمون إلى 4 فئات : الواصلون إلى المعيار الدولي المتقدم، يليه العالي، يليه المتوسط ثم المنخفض في أدنى السلم. والجدول التالي اقتبسته من موقع المنظمة الدولية المشرفة على الدراسة IEA يستعرض الصف الثاني المتوسط والذي اخترته لهذه المقارنة.
وتوضح النتائج أن أداء طلابنا لم يصل إلى «المتقدم» إلا عام 2011 وبنسبة 1 في المئة فقط، أما في العالي فإننا حققنا في تلك السنة أيضاً أعلى نسبة وهي 5 في المئة مقارنة بـ 2 في المئة التي حققها طلابنا في كل من السنتين التاليتين 2015 و2019، أما بالنسبة للمستوى المتوسط فقد كانت 2011 أيضاً هي الأعلى 20 في المئة لينزل المستوى بعد ذلك إلى 11 في المئة ثم 15 في المئة لسنتي 2015 و2019 بالترتيب.
كل هذه النتائج تلفت النظر إلى سنة 2011، طلاب المستوى المنخفض حافظوا على معدلهم الذي وصلوا إليه 2011 وهو 47 في المئة، وإن كان هذا قد انخفض إلى 34 في المئة في 2015 وهي السنة محل التساؤل.
بقي أن نتحدث عن فئة أخرى غير هؤلاء وهم الطلاب الذين لم يصلوا حتى إلى المستوى المنخفض في المعايير الدولية، وهؤلاء كانوا كالتالي حسب السنوات : 27 في المئة للسنة 2011 و(54 في المئة) للسنة 2015 و(36 في المئة) للسنة 2019، وارتفاع الرقم سنتي 2011 و2019 هو نتيجة سلبية (أي زيادة عدد طلاب المستوى الأقل من منخفض تعليميا)، كما أن المؤشرات غير الجيدة لكل من فئتي الطلاب المتوسطين والأقل من منخفض تعني أن طلابنا المتوسطين والمتأخرين دراسياً جداً يعانون الانخفاض المستمر!
عموما سأكون أكثر تفاؤلاً بأن أنظر إلى نتائج 2007، حيث كانت أقل من 1 في المئة للمستوى العالي (أي أنها ارتفعت بعد ذلك إلى 5 في المئة عام 2011)، كما أنها كانت 3 في المئة للمستوى المتوسط وقفزت إلى 20 في المئة عام 2011، أما دون المنخفض فكانت نسبة مخيفة جداً 79 في المئة لكنها نزلت إلى 27 في المئة عام 2011، ثم ظلت قيمتها معقولة مؤخراً 36 في المئة عام 2019 ونسأل الله أن يستمر التقدم.
** **
- مدير عام تعليم سابقاً