د. عبدالعزيز بن عبداللطيف آل الشيخ
ألا نتساءل عن وسائل الغزو الاقتصادي والاقتحام الثقافي، ما طرقه وأساليبه؟ يحق لنا ذلك ولعمري ألا فرق بين الاثنين، لنضرب مثلاً بقناة سي ان ان: تغزو ببرامجها وأسلوبها الإعلامي قارة برمتها: أفريقيا، وبأسلوبها هذا فهي تغزو القارة ثقافياً واقتصادياً وسياسياً، بل ودينياً.
وها نحن مع كتاب ألفه ابن العم الدكتور عبدالمحسن بن عبدالرحمن بن عبدالله آل الشيخ، عضو هيئة التدريس بكلية الهندسة، جامعة الملك سعود، كتاب يسطر فيه أعمال والده الشيخ عبدالرحمن بن عبدالله بن إبراهيم آل الشيخ -رحمه الله- ، الذي كانت له أعمال خيرية في أفريقيا وعلى وجه التحديد في السودان وأثيوبيا وتنزانيا، وله في هذه البلدان مجهودات دعوية متنوعة ومتعددة، ففي السودان، تركزت أعماله، رحمه الله تعالى، على الجانب التعليمي، وقد حظيت جامعة أفريقيا العالمية بالنصيب الأكبر من عطائه، هذه الجامعة التي حصلت على جائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام عام 1440 هجرية، عمل الشيخ عبدالرحمن عضواً في مجلس أمنائها لعدد من السنوات، وحصل منها على شهادة الدكتوراه الفخرية تقديراً لجهوده الدعوية وعلى وفائه لهذه الجامعة. وقد أنشأ رحمه الله في هذه الجامعة مركزاً باسم مركز أمينة السلمي لإعداد الداعيات، إحياء لذكرى الداعية المسلمة الأمريكية: أمينة السلمي. ولقد ألف رحمه الله كتيباً عنها ترجم إلى اللغات الإنجليزية والفرنسية والتركية والأوردية والكورية. ومن خلال مجالات التعليم والإعلام والجمعيات الدعوية استطاع رحمه الله ترك بصمات واضحة في البلد الشقيق.
وفي تنزانيا الذي انطلقت منه جهود الشيخ عبدالرحمن الدعوية، ولأن ذلك البلد ينتشر فيه الفقر فلقد ركزت جهوده رحمه الله على النشاط الإغاثي، ومن ذلك إنشاء مستوصف للأمومة والطفولة سماه: مستوصف (السارتين)، كما أنشأ أربعة مستوصفات أخرى تقدم خدماتها للمسلمين ولغيرهم، وشمل نشاطه الإغاثي في إفطار الصائمين في رمضان وتوزيع الأضحيات في عيد الأضحى.
وفي إثيوبيا (الحبشة) كان للشيخ عبدالرحمن نشاطات دعوية، والحبشة لها أهمية لدى المسلمين والنصارى، وتعتبر ساحة صراع من الناحيتين الدينية والسياسية. وتأتي أهميتها بالنسبة للمسلمين لكونها دار الهجرتين، وبالنسبة للنصارى لكونها أول بلد أفريقي دخلته النصرانية. كان حضور الشيخ في إثيوبيا فاعلاً ومؤثراً على الرغم من صعوبة الحركة الدعوية في ذلكم البلد.
من ذلك نقول إنه بتنوع الطرق الدعوية الإعلامية منها والتعليمية والإغاثية، يمكن لبلاد نامية وفقيرة أن تتحسن فيها الحياة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والسياسية، ومجهودات الشيخ عبدالرحمن تعتبر نموذجاً يوصي الكاتب بالسير حذوه، ويمكن القول إنه في الإمكان منافسة (سي ان ان)، وإن طال السفر.
رحم الله الشيخ عبدالرحمن وجعل ما بذله من أعمال دعوية في ميزان أعماله، وبارك الله في عقبه، إنه سميع مجيب لمن دعاه.