علي الخزيم
تباينت الآراء أو اتفقت حول مسألة مقاطعة البضائع الواردة من أي دولة يسئ إعلامها أو كتابها لرسول الهدى محمد صلى الله عليه وسلم؛ فهي مسألة بلا شك جديرة بالاهتمام والنقاش بل والمواجهة، إذ إن الإساءة للأنبياء والأديان والرموز الدينية من الأمور المتفق على تجنبها والحذر والتحذير منها، وكما أكدت منظمة المؤتمر الإسلامي مراراً فإن الإساءة للرسول المصطفى غير مقبولة تحت أي ذريعة، كما أنها تُذكّر ببياناتها بالحكم الصادر عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان القاضي بأن الإساءة للرسول الكريم محمد لا تندرج ضمن حرية التعبير، ولا يمكن أن يلوم لائم المسلمين إن هم انتصروا لدينهم ونبيهم ممتثلين لأوامر الله سبحانه بذلك، غير أن ما يلفت الانتباه أن فئاماً من الناس يغضبون من رسوم أو أقاويل مسيئة تصدر من الغرب ويصدون عن إساءات من دولة تسمي نفسها بالإسلامية كنظام طهران ورموزه الممعنة في الإساءة والأذى للرسول محمد وصحابته وأزواجه يرددون ذلكم بخطبهم ومقالاتهم وكتبهم ومدارسهم؛ فمن الأحق بمقاطعة منتجاته وبضائعه ومصنوعاته؟!
وظهرت مشاهد ومقاطع تصور مواقف لمجموعات حزبية مذهبية ببلاد عربية وإسلامية عند صدور الإساءات الأخيرة لجناب رسول الهدى تُعبِّر عن الغضب والاستياء منها، ولم يُكلف أولئك أنفسهم بشيء من أعمال الفكر ومحاسبة النفس وضبط الهوى، إذ إنهم كانوا قبل خروجهم لتلك التجمعات الغاضبة المستنكرة كانوا هم بذاتهم في ندوة أو درس ديني أو خطبة تنال من جناب الرسول محمد عليه السلام وبعض أزواجه وأصحابه رضي الله عنهم، يُقسمون على كفرهم وأن مآلهم إلى النار والعياذ بالله، وما المقاطع المصورة التي دأب مجوس طهران وأشياعهم على نشرها لشتم وقذف هؤلاء الأطهار الأخيار إلّا برهان على تناقضهم فيما يروجون له بمذاهبهم الضالة وبين ما يعلنونه من أنهم مسلمون وينافحون عن الإسلام وأهله وقضاياه، كما تبرهن أفعالهم وأقوالهم على كذبهم ودجلهم ودسائسهم وسعيهم لتشويه الإسلام وكل ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، وأنهم أخطر على الإسلام وأهله من كثير من المسيئين من أوروبا وغيرها، ومع كل هذا تجد من العرب والمسلمين من يواليهم ويشاركهم بالتجارة والاقتصاد ويفضلهم على غيرهم ويجعل لهم الحظوة بالتعامل الثقافي والتبادل التجاري متعمداً تجاهل كل جرائمهم ضد العرب والمسلمين الصادقين حقاً، ومتغاضياً عن كل ما تم من تدمير على أيديهم ببلاد العرب وهم يشاهدونه شاملاً كل مقومات الحياة والحضارة، بعمل ممنهج مرسوم لطمس كل ما يتعلق بنهضة العرب والمسلمين، فأفعالهم تنبئ عن نواياهم حتى وإن ادعوا الإسلام.
أعداء الإسلام والعرب قد انكشفوا وظهر بجلاء حقدهم ونواياهم المبيتة لتدمير وطمس حضارات وتقدم العرب تحت مزاعم عفا عليها الزمن، ولمطامع صفوية إمبراطورية توسعية زائفة، إذ إن الفتوحات الإسلامية ونشر الدعوة المحمدية بصدر الإسلام وبعده إنما جاءت بتوجيه إلهي يدركون أبعاده لو كانوا يعقلون أو كانوا صادقين بإيمانهم وإسلامهم! وعليه فإن الأولى بالمقاطعة بضائعهم وتجارتهم وثقافتهم حتى يتبين الرشد من الغي.