في ذات يوم كنت طفلاً بعمر 10 سنوات، كانت جدتي أم أبي ترقد في المستشفى لإجرائها عملية في أحد عينيها، ذهبت إليها لزيارتها وكان الوقت عصراً ولم أجد عليها علامة من علامات الحزن أو الاستغراب، كُنت أول من دخل إليها في بداية وقت الزيارة، قُلت لها وكان هذا العام 1426هـ «جدتي مات الملك فهد» ونظرت إليّ نظرة استنكار وصدمة وقالت بلهجتها العامية «لا وأنا أمك لا تقول كذا إن شاء الله عمره طويل» قلت لها إنني متأكد من كلامي وفتحت لها التلفاز وإذا بالقنوات تضع آيات من القرآن الكريم والقناة السعودية الأولى تضعها وتنقلها، توقعت أنّ ردة الفعل ستكون عادية لأن ليس الملك فهد بعلاقة من قريب أو من بعيد بأُسرتنا إلّا أنه ملكنا وولي أمرنا بالطبع ولكن كطفل هذا ما أتصوّره، ومن ثمّ كانت الصدمة والدهشة في ملامح جدتي، وقالت بصوت عالي يتخلّله الحزن والعبرة «مات فهد!»، لم ولن أنسى هذا الموقف ما حيَيْت، وإذا بها تبكي بشدة وتضع يديها فوق رأسها وتذكر الله وتتأسف لموت الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود، وإذا بأبي وأحد أعمامي يدخلون عليها ويُعزّونها بموت الملك فهد ويُهدّون من روعتها وحُزنها الذي عمَّ المكان، أتاني استغراب شديد وبدأت أتساءل في نفسي لماذا جدتي حزنت وبكت بهذا الشكل، وما علاقة الملك فهد بها وبنا لكي يحدث لها كهذا، عندها قُلت لأبي لماذا جدتي تبكي على الملك فهد هل هي تعرفه؟.. قال لي أبي بلهجته «لا وأنا ابوك هذا الملك فهد ولي أمرنا وملكنا عشان كذا أمي تبكي».
وعند وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود كُنت شاباً كبيراً واعياً، وإذا بي أجد الحزن والهدوء عمّ جميع من كنت أشاهده في الشوارع وفي البيوت وفي الأسواق، والجميع يُعزِّي، وإذا التلفاز ينقل آيات من القرآن الكريم ومواقع التواصل الاجتماعي تعج بالحزن على الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، وبعد مدّة كنت أتصفح أحد برامج التواصل الاجتماعي «اليوتيوب» وإذا بمقطع فيديو لامرأة مسنّه تبكي وتتوجّد على الملك عبدالله وكأنه أحد أقرب الناس إليها، عندها تذّكرت موقف جدتي في يوم وفاة الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله-.
وبدأت أتعجّب بحب وتقدير جدتي والمرأة المُسنّه للملوك وعلى اختلافهم إلّا أنّ الموقف متشابه جداً، وبدأت أتساءل لماذا حزنوا بهذا الشكل بالرغم من أن ليس بالملك فهد والملك عبدالله بصلة بهم من حيث التقارب إلّا أنهم ملوك الدولة وولاة الأمر، وهل هذا يكفي لحزنهم؟ نعم: بدا الجواب واضحاً كوضوح الشمس، إنّه الولاء.
الولاء جعلهم يبكون على ولي أمرهم وكأنه والدهم أو أخٌ كبير لهم، الولاء لولاة الأمر جعلهم يتحسّرون ويتوجّدون عليهم، الطهارة والنقاء والولاء اجتمعوا لديهم فبانت معادنهم، هكذا الشعب هكذا الولاء وهكذا القوة.
ولله الحمد والمنّه الشعب السعودي كاملاً لديه هذه الصفة الجميلة والقوية النقيّة، حتى كاد الأعداء يتقطّعون حقداً علينا بسببها، بسبب الولاء والطاعة!.
نعم أخوتي وأحبائي والله إنهم يتقطّعون بسبب ولائنا وطاعتنا لولاة أمرنا.
وما لبثوا إلّا أن بدأوا بالهجوم على ولاة أمرنا من دول ومن مؤسسات إعلامية، فكانت الصدمة والصاعقة لهم! , لم ترد عليهم دولتنا ولم ترد عليهم مؤسسة إعلامية سعودية، بل كان الرد صاعقاً وقوياً من الشعب السعودي!.
زلزلهم هذا الهجوم المضاد من الشعب السعودي وباء هجومهم على ولاة الأمر بالفشل هكذا الطاعة والولاء يا أعداء فتعلّموا!.
وبعد الرد المزلزل من الشعب السعودي للأعداء فما كان منهم إلّا أن كرَّسوا وقتهم وجهدهم وأبواقهم للهجوم مرة أخرى على دولتنا بكل ما يملكون من قوّة، في الصحف، في الإعلام، في المناسبات، وحاولوا بشتّى الطرق للضغط وتشويه سمعة المملكة العربية السعودية متمثّلة بالأمير محمد بن سلمان آل سعود، وكعادة الشعب السعودي ردَّ مرة أخرى عليهم فأحبط وأفشل كل ما خططوا له، لله در هذا الشعب.
وكعادة الأعداء جهّزوا حملة أخرى فقط لولي العهد محمد بن سلمان آل سعود، فشنّوا الهجوم على ولي العهد بالتشكيك به، وببثْ الإشاعات ليلاً ونهاراً عليه، يحاولون طامعين متأمّلين بأن الشعب السعودي سيقف ضد ولي العهد، وكعادة الشعب السعودي في كل مرة، أحبطهم، وأفشل حملتهم على ولي عهدهم.
نعم عرفوا الأعداء أنهم أمام مصيبة تعكّر صفوتهم وتدمّر مخططاتهم وتحبط هجومهم وتكشف حملاتهم، عرفوا وفهموا أنهم لا يواجهون دولة بحكامها ووزرائها ومؤسساتها فقط, بل يواجهون شعباً بأكمله، فبدأوا يهاجمون الشعب السعودي ويقذفونه ويصفونه بأقبح العبارات «المدروسة»، ولم تحرّك شعره في هذا الشعب العظيم بل أحبطهم مرةً أخرى.
ولهذا وصفهم ولي عهدهم بـ «الشعب الجبار العظيم» ووصفهم بـ «جبل طويق».
أيّها الشعب السعودي العظيم هذا ما حدث وهذا ما تعلّمه العالم أجمع أننا نقف قلباً وقالباً مع ولاة أمرنا ونعلن الطاعة والولاء، فلتعلموا أيّها العظماء أن الأعداء لا يريدون سِوى خراب هذه الدولة وفنائها وألا تقوم لها قائمة وأن يَعم هذا البلد العظيم الخراب والدمار، الأعداء لن يريدوا لكم الخير أبداً ولا يتمنّون لكم سوى الفناء، شاهِدوا حولكم من البلاد التي كانت تعم بالرخاء والأمن والاستقرار والنعيم، انظروا لحالتهم الآن فقر، فساد، قتل، انعدام الأمن، الأطفال يُقتَلون، النساء يُقتَلون، الرجال يُقتَلون...... إلى آخره، الأعداء استهدفوهم وزعزعوا بلادهم فذهبت هباءً منثوراً، هكذا يريدون ويُكِنّون لنا، ولكن هيات هيات. اللهم احفظ لنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان.
أيها الشعب السعودي العظيم أنتم أمام عدو ليلاً ونهاراً يحاول جاهِداً أن يُزعزع استقرار بلادكم وأن يعم الخراب بها، التفُّوا حول ولاة أمركم وولي عهدكم وتمسكّوا بالطاعة والولاء الذي تعلّمناه وتوارثناه من أجدادنا، وتذكّروا قول الله جلّ في علاه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} (59) سورة النساء.
وأسأل الله العظيم أن يجعل هذا البلد آمناً مطمئناً.