عبدالرحمن الحبيب
«هل تشعر بأنك محظوظ؟ الرقم 21 مرتبط بالحظ، والمجازفة، وانتهاز الفرص ورمي النرد. وعملة الرهانات وسباق الخيل.. كل هذا يبدو مناسبًا بعد عام من الغموض غير المعتاد.. الجائزة الكبرى المعروضة لعام 2021، بالطبع، هي فرصة السيطرة على جائحة كورونا. ولكن في خضم ذلك تكثر المخاطر على الصحة والحيوية الاقتصادية والاستقرار الاجتماعي». هذا ما قاله توم ستاندج، متأملاً العالم لعام 2021.
ستاندج يرأس فريق من الباحثين حرر لمجلة إيكونيميست، إصدارها السنوي الخاص الذي يستشرف المستقبل من خلال نظرة سنوية على المواضيع والاتجاهات المهمة التي ستشكل العام المقبل. ترى الإيكونيميست أن عام 2021 يصعب توقعه بسبب التفاعلات بين جائحة كورونا، والانتعاش الاقتصادي غير المتكافئ، والجغرافيا السياسية المنقسمة.
لم يحصل قط في الذاكرة الحديثة هذا المقدار من عدم اليقين حول نمو الاقتصاد العالمي. وذلك ليس فقط لأن آفاق الاقتصاد العالمي لعام 2021 تعتمد على مدى انتشار الفيروس ونشر اللقاح؛ بل أيضاً إلى أنه من غير المعروف مدى الضرر الدائم الذي ألحقه الوباء في إبطاء النشاط الاقتصادي، وإغلاق بعض الشركات، وترك العمال عاطلين عن العمل. ولم يتضح تأثيرها الكامل بسبب التدخل الحكومي الطارئ الهائل لإنقاذ الشركات ودعم العمال. ولن يتضح الأمر إلا عندما يُسحب هذا الدعم.
تم وضع عشرة اتجاهات رئيسية ينبغي مراقبتها في العام المقبل، على أمل أن تساعدك هذه التوقعات في تحسين احتمالاتك أثناء التنقل بين المجازفة والفرص المستقبلية. وهنا خلاصتها.
التوقع الأول يتمثل في الصراع للحصول على اللقاحات. عندما تصبح اللقاحات الأولى متوافرة بكميات كبيرة، سينتقل التركيز من الجهد البطولي لتطويرها إلى مهمة شاقة بنفس القدر المتمثلة في توزيعها. سترافق دبلوماسية اللقاحات المعارك داخل البلدان وفيما بينها حول من يجب أن يحصل عليها ومتى. كذلك سيكون هناك صخب حول عدد الأشخاص الذين سيرفضون اللقاح عند تقديمه!
التوقع الثاني هو في الانتعاش الاقتصادي لكنه سيكون مختلطاً وغير منتظم، مع التدفق المحلي وحملات السيطرة على انتشار الوباء؛ وتحول تركيز الحكومات من المحافظة على بقاء الشركات إلى مساعدة العمال الذين فقدوا وظائفهم. كما يتوقع أن تتسع الفجوة بين الشركات القوية والضعيفة.
الثالث هو في توجيه النظر إلى إصلاح الاضطراب الجديد بالعالم.. إلى أي مدى ستتمكن الإدارة الأمريكية الجديدة من إصلاح النظام الدولي المتداعي بحيث يؤسس على قواعد؟ من الإجراءات الواضحة للبدء فيها هي عودة أمريكا للمعاهدات والمنظمات الدولية وفي مقدمتها معاهدة المناخ ومنظمة الصحة العالمية.
التوقع الرابع للعام المقبل بزيادة التوترات بين الولايات المتحدة والصين. لا تتوقع من بايدن أن يلغي الحرب التجارية مع الصين؛ بل سيرغب في إصلاح العلاقات مع الحلفاء لجعلها أكثر فعالية، بينما ستبذل العديد من البلدان من إفريقيا إلى جنوب شرق آسيا قصارى جهدها لتجنب الانحياز لأحد الجانبين مع تصاعد التوتر.
واجهة أخرى للصراع بين الولايات المتحدة والصين هي الشركات، وهذا التوقع الخامس.. وليس فقط الأمثلة الواضحة على هواوي وتك توك، إذ ستصبح الأعمال التجارية أكثر صراعاً في الساحة الجيوسياسية. إضافة إلى الضغط من الأعلى، يواجه الرؤساء أيضًا ضغوطًا من الأسفل، حيث يطالب الموظفون والعملاء باتخاذ مواقف بشأن تغير المناخ والعدالة الاجتماعية، إذ لم يفعل السياسيون سوى القليل.
سادساً: هل ستصمد السلوكيات التكنولوجية الجديدة لفترة أطول؟ لقد سرّع الوباء تبني العديد من السلوكيات التكنولوجية، من مؤتمرات الفيديو والتسوق عبر الإنترنت إلى العمل عن بُعد والتعلم عن بعد. في عام 2021، سيتضح مدى استمرار هذه التغييرات أو تراجعها.
التوقع السابع هو في عالم أقل سفراً. سوف تتقلص السياحة ويتغير شكلها، مع مزيد من التركيز على السفر الداخلي. ستواجه شركات الطيران وسلاسل الفنادق وشركات تصنيع الطائرات صعوبات، وكذلك الجامعات التي تعتمد بشكل كبير على الطلاب الأجانب. التبادل الثقافي سوف يعاني أيضاً.
فرصة بشأن تغير المناخ هو التوقع الثامن. أحد الجوانب المضيئة وسط الأزمة هو فرصة اتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ، حيث تستثمر الحكومات في خطط التعافي الأخضر لخلق فرص عمل وخفض الانبعاثات. ما مدى طموح تعهدات خفض الدول في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، والتي تم تأجيلها عام 2020 سيكون السؤال الرئيس لموضوع المناخ.
التاسع: هو الشعور النفسي بتكرر بعض الحالات. هذا مجرد مثال واحد على ما قد نشعر به العام المقبل، في كثير من النواحي، مثل عام 2020، حيث تبذل الأحداث بما في ذلك الألعاب الأولمبية ومعرض دبي إكسبو والعديد من التجمعات السياسية والرياضية والتجارية الأخرى قصارى جهدها لافتتاحها بعد عام مما كان مخططاً. لن ينجح كل شيء.
أخيراً، ثمة جرس إنذار للمخاطر الأخرى. الأكاديميون والمحللون، الذين حذر الكثير منهم من خطر حدوث جائحة منذ سنوات، سيحاولون استغلال نافذة ضيقة من الفرص لجعل صانعي السياسات يأخذون على محمل الجد مخاطر أخرى مهملة، مثل مقاومة المضادات الحيوية والإرهاب النووي. نتمنى لهم التوفيق.
ليس كل شيء كئيبًا؛ فالتوقع الأكبر هو حصول «الهزات الارتدادية» بعد أن تنتهي الهزة الكبرى، وثمة بعض الدروس وفرص التغيير الإيجابي التي نشأت من الأزمة..