حماد الثقفي
اكتسبت العدالة مصداقية عالية في رفع شعار مكافحة «الفساد»، بجدية القيادة الحكيمة على ملاحقة الفاسدين، واستعادة الأموال العامة، منذ انطلاقها بموقعة «الريتز»، التي أوقفت شرايين «انحراف أو تدمير النزاهة في أداء الوظائف العامة من خلال الرشوة والمحاباة»، بالخروج عن السلوك والمسار والطريقة الطبيعية لتطور الأشياء؛ فبات الفاسدون يفكرون ألف مرة قبل أن تسوّل لهم أنفسهم ممارسة الفساد الذي انحسر دوره، وبات مكشوفًا يسقط في شباك القانون دون إبطاء! وبين براثن «نزاهة»، التي أرسلت رسائل عدة، مفادها أن زمن العبث بأموال الدولة والاحتماء بالمنصب الرفيع والوجاهة الاجتماعية قد ولى وانتهى، مؤكدًا ما عناه الملك سلمان وولي عهده في خطاباتهما بالضرب على الأيادي العابثة بمقدرات الوطن، وبترها أيًّا كانت مكانته. ولا ننسَ أن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان قال بالحرف: «إن الأسماء ستفاجئكم لفساد استغلال المناصب والألقاب التي لا حدود لها»؛ لنجد أسماء لامعة، قامت هيئة مكافحة الفساد بوقف خدماتهم، منهم أمراء وذوو مسؤوليات وموظفون بالدولة، خاصة أن نشر أسماء الأمراء في قضايا الحقوق لم يكن أمرًا معتادًا!
فلا حصانة لمنصب أو لقب أو مكانة اجتماعية يشغله فاسد، حتى ولو بعد حين؛ ليدلل ذلك على أن العزم والحزم أمران رادعان للغة البطلان، وهي (فسد) ضد صلح. (والفساد) لغة هو البطلان.. لتكتسب العدالة مصداقية عالية في رفع شعار مكافحة الفساد، بينما حصلت القيادة على ثقة الشعب في جدية ملاحقة الفاسدين، واستعادة الأموال العامة. فشكرًا للجميع في اليوم الدولي للفساد في التاسع من ديسمبر كل عام لدورهم في تعزيز النزاهة كأحد المؤشرات الاقتصادية لتقييم الدول؛ إذ تعدد أسباب الفساد، وتتنوع لثلاثية، هي: (فردية وتنظيمية وبيئية)، تألق فيها ضعف أداء الجهات الرقابية حسب الاستفتاء الذي أجرته الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد «نزاهة» على موقعها الإلكتروني. وضعف أداء الجهات الرقابية ينتمي إلى الأسباب التنظيمية؛ ولذلك نجد لكل من (النزاهة والفساد) أثرًا في الآخر لارتباطهما بمستوى الأخلاقيات البشرية؛ كون النزاهة الرادع النظامي والقانوني للإنسان حال انحراف سلوكه بأي هيئة للفساد كانت؛ ليكون عبرة للجميع، ولمن تسول له نفسه أن يرى عواقب فقدان النزاهة والانخراط في الفساد.. ولذلك لا يمكن نجاح تلك القوى إلا بالمجتمع الصالح؛ فالصمت عن الفساد يزيد من فساد العابثين بالمجتمع؛ لذا فإن المواطن هو المسؤول الأول عن أمن البلاد وحمايتها من تلك الفئات الضالة وأعدائه من الخارج، وليس فقط الدولة وأجهزتها. والله أقوى من الجميع.
وحسبنا من القرآن الكريم قول الله تعالى: {فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ * وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} (116 - 117 سورة هود).