فهد بن جليد
هي جدلية قديمة قِدم ظهور الأطباء بأسمائهم وتعريفاتهم ولربما بمعاطفهم البيضاء في إعلانات ونصائح طبية متعلقة بعلامات تجارية منذ الثمانينات والتسعينات الميلادية بشكل واضح -وحتى قبل تلك الحقبة- باعتبار أنَّ هذه المُمارسة أخلاقية ومعمول بها في الغرب، بينما يغيب عن الذهن أنَّ ظهور أولئك الأطباء (الغربيين) في الإعلانات محكوم ومرتبط -دائماً- بوجود علاقة وإشراف على أبحاث طبية يتم إجراؤها في المعامل، خصوصاً لأدوات الاستخدام الشخصي مثل (معاجين الأسنان، والشامبوهات، الكريمات، والصبغات..) وغيرها، فهو ليس ظهوراً أو إعلاناً خارجاً عن أبحاث ونصائح طبية مُحدَّدة بتخصص ومجال البحث الطبي ذاته، بخلاف (المعلنون الجُدد) من أطباء جعلوا ظهورهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي وإعلاناتهم -كأطباء-مصدراً إضافياً للدخل والرزق.
برأيي -الشخصي- أنَّه من المعيب أن يقوم بعض ممن يشغلون وظائف لها مكانتها وتقديرها وقيمتها، بل وقدسيتها واعتبارها أحياناً كالطبيب و-من في حكمه- بإعلانات تجارية خالصة، للتكسب المالي من وراء الشهرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والمتاجرة بثقة المتابعين للترويج لسلع حتى لو كانت (عسلاً وطيباً)، الثقة التي نالها الشخص لمكانته وقيمته، أو حتى هيئته ووظيفته، تستحق التقدير والتعامل معها بثقة ومسؤولية مُماثلة، نحن أمام مُمارسات وإن كانت (محدودة) من البعض إلاَّ أنَّها تتزايد وتحتاج طرقاً وفحصاً لناحية تنظيم وضبط أحقية الرزق، وأخلاقيات المهنة والمكانة، مع إعلانات تحت عناوين مثل (الثقة أو العلم أو حتى الحديث في غير التخصص) عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
بقدر حاجتنا لسد الفراغ الذي تسبَّب به (مشاهير فارغون) بإعلانات تحوي مُغالطات وأخطاء، بقدر حاجتنا لعدم الزج بالأطباء و-من في حكمهم- للترويج لسلع وخدمات ومنتجات تجارية، كي تتسامى (المهنة والتخصص والمكانة والعلم) عن الترويج للأسماء والمنتجات والمُمارسات التجارية، فهل الأمر بحاجة فعلاً لتنظيم وضبط؟ أم أنَّ من حق الطبيب -ومن في حكمه- أن يبدي رأيه ومشورته؟ حتى لو كانت مدفوعة الثمن وعلى شكل إعلان تجاري، كبقية المشاهير وشرائح المجتمع؟
وعلى دروب الخير نلتقي.