إبراهيم بن سعد الماجد
قال لصاحبه وهو يحاوره: سأحكي لك قصة حياتي، فقاطعه صاحبه قائلاً: محل روايتها عندما تكون تحت الثرى! أما الآنفليس ثمة قصة تروى، فأنت ما زلت تكتب حروفها، وتنسج خيوطها، ولا تعلم كيف سيكون آخر سطر فيها، ولا نهاية نسيجها!
صديق غدر، ورفيق فجر، وخليل هجر، وحكاية لا تروى، ورواية لا تصدق!!
حكاية الحياة مُحاطة بأسرار لا يعلمها أحد، حتى أنت لا تعلمها، فقط تملك مقدرتك على أن تكون شجاع أو جبان! شجاع فتواجه منغصاتها التي ما كنت تتوقعها بروح وثابة، وثقة بالله، فتحول كل نقاط ضعفك إلى قوة تتحطم عليها مؤامرات المتآمرين، و خداع المخادعين، فتكون الصدمة، لهم، والغنيمة لك.
الحياة يا صديقي لها أبواب وفصول ولكن ليس لها فهرسة، فهي ممتدة، تتوقف ساعة توقف كل الحياة وينفخ في الصور.
يقول المتنبي:
إنّي لأعْلَمُ، واللّبيبُ خَبِيرُ
أن الحَياةَ وَإنْ حَرَصْتُ غُرُورُ
ورَأيْتُ كُلا ما يُعَلّلُ نَفْسَهُ
بِتَعِلّةٍ وإلى الفَنَاءِ يَصِيرُ
ولعل في قول الجواهري تفصيل لمجمل هذا الكون وهذا الكائن حيث يقول:
وما الحياةُ سوى حسناءَ فارِكة
مخطوبة من أحبَّاء وأعداء
قد تمنعُ النفسَ أكفاء ذوي شغف
ورّبما وهبتها غيرَ أكفاء
ولا يزالُ على الحالينِ صاحبُها
معذَّبَ النفسِ فيها بيِّنَ الداء
فإنْ عجِبتَ لشكوى شاعر طرِب
طولَ الليالي يُرى في زيّ بكاء
فلستُ أجهلُ ما في العيش من نِعمٍ
أنا الخبيرُ بأشياء وأشياء
ولا أحبُّ ظلامَ القبر يغمُرني
أنا الخبيرُ بأشياء وأشياء
وإنَّما أنا والدُّنيا ومحنتُها
كطالبِ الماء لمَّا غَصَّ بالماء
أُريدُها لمسرات، فتعكِسُها
وللهناءِ، فَتثنيهِ لايذاء
وقد تتبَّعتُ أسلافي فما وقعتْ
عيني على غير مشغوفِ بدُنياء
ذَمَّ الحياةَ أُناسٌ لم تُواتِهُمُ
ولا دَروا غيرَ دَرَّ الإبْل والشاء
وقلَّدَتْهُمْ على العمياء جَمهرةٌ
تمشي على غير قصد خبطَ عشواء
ولو بدَتْ لهمُ الدُّنيا بزيِنتها
لقابلوها بتبجيل وإطراء
والجبن كل الجبن أن تكون الغيبة مطيتك، والنميمة سريرتك، فتذهب دنياك حسرة، وآخرتك خسارة.
الحياة يا صديقي أقل من أن نتحسر عليها وأسمى من أن نفرط فيها بعمل يرفعنا ويسعدنا في آخرتنا، تلك هي الحياة.
قلت: الحياة.. حياء.