فهد بن جليد
من الأفكار التقنية الجديدة التي فرضها فيروس (كورونا)، مجلس العزاء الإلكتروني الذي يتم فتحة عبر (واتس آب) لينضم إليه المعزون في مجموعة رجالية وأخرى نسائية، لتسجيل العزاء صوتياً أو كتابياً، بسبب صعوبة القيام بواجب العزاء المباشر مع اتخاذ تدابير وإجراءات التباعد بسبب الجائحة، مثل هذه الأفكار والحلول الاضطرارية التي لجأ إليها كثير من (المكلومين) بفقد عزيز، يمكن مناقشة جواز وإمكانية استمرارها في الأيام العادية من قبل المختصين وأهل العلم والفتيا الشرعية، لاسيَّما وأنَّها خفَّفت على كاهل المُعزين وأهل العزاء على السواء، وحصل بها مواساة لهم ودعاء لفقيدهم، وذكر لمناقبه، ولربما (تحليله ومسامحته) من كافة الشريحة المشتركة في المجلس، ما يبين حجم التكاتف والتعاضد بين أفراد المجتمع افتراضياً فالحديث يتركَّز على فاجعة الفقد تحديداً، وهو ما قد لا يتم أصلاً في بعض مجالس العزاء المباشرة التي يكون فيها الحديث متنوعاً في مواضيع شتى بسبب لقاء الناس وجهاً لوجه وطول الوقت.
كورونا أجبرنا على أشكال وأنماط مُختلفة في علاقاتنا وتعاملنا، بعضها لم يكن معروفاً أو مُتفق عليه سابقاً ولكن الظرف فرضه على الجميع، وأعتقد أنَّ بعض تلك التطورات ستبقى فهي صالحة لزمن كورونا وما بعده، بل إنَّ الكثير من الخطوات الإلكترونية والملفات التطويرية المُؤجَّلة في علاقات الأفراد والمؤسسات تم حسمها بسبَّب الجائحة وهذه نقطة متقدمة، ولا أتخيل أن يتم التراجع عنها، فهي مكتسبات تطويرية وحلول تقنية ناجعة أثبتت فاعليتها وصلاحيتها، أشهرها التعليم عن بُعد، الاجتماعات الافتراضية للعمل واللجان المشكلَّة في أكثر من منطقة ومكان، تقديم بعض الخدمات والاستشارات الطبية بالاتصال الهاتفي أو عبر التطبيقات، وكذلك أسبقية الحصول على موعد إلكتروني قبل زيارة الكثير من الوزارات والشركات.. وغيرها.
إذاً نحن أمام حلول متنوعة فرضتها الجائحة، لعلَّ العلاقات الاجتماعية بكل أشكالها كحضور المناسبات واللقاءات العائلية والأسرية السعيدة والحزينة يكون لها (نصيب افتراضي) دائم بعد انقشاع (كورونا)، ليبقى باب الصلة والتواصل مفتوحاً أمام من لا يستطيعون القيام بالواجب في أصله حضورياً، بل قد يكون هناك مشاعر وفوائد تتحقَّق في التواصل الافتراضي أكثر وأصدق وأوضح منها في اللقاءات الشخصية.
وعلى دروب الخير نلتقي.