د.شريف بن محمد الأتربي
يظل التعلم عن بُعد خيارًا مطروحًا وبقوة؛ بل يكاد يكون الخيار الأوحد أمام الدول التي تريد الحفاظ على مواطنيها وحمايتهم من انتشار فيروس كورونا المعروف بكوفيد - 19، حيث توجهت الكثير من الدول وعلى رأسها المملكة العربية السعودية نحو هذا الاختيار انطلاقاً من حرص قادتنا حفظهم الله على أبناء المجتمع شباب اليوم قادة الغد.
وقد خطت وزارة التعليم خطوات، بل قفزات سريعة في مجال التعلم عن بُعد، والتعليم الإلكتروني؛ حيث هيأت البنية التحتية، وأهلت إلى حد ما المعلمين ليخوضوا غمار هذه التجربة التي صرح معالي الوزير أنها مستمرة ولن تتوقف من خلال بوابة مدرستي.
لقد كان توجه وزارة التعليم إلى التعلم عن بعد ممزوجا بنفس آلية التعلم وجهاً لوجه؛ بل إن هناك من طالب أن تبدأ الحصة الأولى بالنشيد الوطني، وأيضاً تفعيل حصة الرياضة، وعمل مديري إدارات التعليم، والمشرفين التربويين والمعلمين على تهيئة بيئة تعليمية من خلال الحصص المباشرة أو تلك المسجلة- كل حسب قدرته- بحيث تكون جاذبة للطلاب وتساعدهم على خوض غمار التجربة التي هي أقرب للتعلم الذاتي، والفصول المقلوبة؛ لكنه ومن وجهة نظري يظل هناك جانب مفقود في العملية التعليمية يحتاج إلى النظر إليه بقوة كونه يمثل الجانب المهم لنجاحها؛ ألا وهو عنصر الجذب المؤدي إلى زيادة الدافعية للتعلم.
لقد كانت العملية التعليمية قبل كوفيد - 19 تسير بشكل متسلسل تتوزع فيها الأدوار بين المدرسة بكل ممثليها من قائد ووكلاء ومعلمين وإداريين؛ والمنزل بكل من فيه من الوالدين والإخوة والأخوات وحتى المعلم/ة الخصوصي، وكان الطلاب يتعايشون مع هذه العملية كل حسب دوافعه الذاتية للتعلم، وقدرته على التعلم، وكانت أمتع اللحظات التي يسعد بها كل هؤلاء جميعاً هو جرس الحصة.
لقد كان جرس الحصة هو العامل المشترك المفرح لجميع أعضاء العملية التعليمية، فهو مؤذن ببداية يوم دراسي جديد، أو حصة جديدة، أو نهاية يوم دراسي، أو حصة دراسية. لقد كانت كل المتعة التي يعيشها الأبناء خاصة بين الحصص أو عند الفسحة، حيث يتبادلون الأحاديث والألعاب والحكايات التي تتنوع حسب المستويات العمرية والتعليمية.
ومع تطبيق التعلم عن بُعد افتقد الطلاب هذه اللحظات الجميلة؛ التي تمثل لغالبيتهم جل الذكريات السعيدة في هذه المرحلة التعليمية والعمرية، لذا - وفي هذه الفترة المهمة التي تسبق الاختبارات النهائية، والفصل الدراسي الثاني- أقترح أن يعمل فريق من التربويين والتقنين على إتاحة الفرصة للطلاب للتحاور واللعب عبر لوحة أو شاشة ألعاب افتراضية، ويا حبذا لو تم إضافة بعض الألعاب على منصة مدرستي يستخدمها الطلاب خلال الفسحة أو بين الحصص، فنكون بذلك قد أعدنا التواصل بين الطلاب وبعضهم البعض، وكذلك زدنا من التشويق والدافعية لديهم خلال هذه الفترة العصيبة من فترات حياة العالم كله وليس حياتهم فقط، وأيضا خففنا العبء عن كاهل أولياء الأمور الذين يدفعون أبناءهم دفعاً نحو الدخول لعالم التعلم عن بعد المفتقد لحميمية التواصل الاجتماعي مع الأقران.