كانت وما زالت بلادنا - أعزها الله - فاتحة أرضها الشاسعة الواسعة قبل صدرها الرحيب - كرماً وضيافةً - منذ تأسيسها على يد المغفور له بإذن الله جلالة الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- للقادمين إليها على مختلف طبقاتهم ومستوياتهم وجنسياتهم (من حجاج وزوار ومعتمرين ومقيمين) ومنحتهم كل تسهيلات القدوم والإقامة، إضافة إلى كرم الضيافة والوفادة التي يقابلون بها خلال حِلّهم وترحالهم.
وقد شاهدت وقرأت - سابقاً ولاحقاً - العديد من الحالات لكثير ممن عاشوا في بلادنا وبين ظهرانينا لفترات متفاوتة المدد، ثم غادرونا إلى بلدانهم بعد حياة حافلة بالاسترزاق والعيش الرغيد وتحسن أحوالهم (مادياً ومعيشياً وتعليمياً) حاملين في جعبهم قبل رد الجميل والوفاء النكران بشتى صوره وألوانه، ثم كوّن بعضهم منابر للجعجعة والنعيق ضد المملكة وبعض الدول الأخرى، مقابل أجور سخيّة، أذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر:
1 - الأول: ينتمي لدولة عربية شقيقة بذلت وتبذل المملكة حكومة وشعباً وما زالت تقف من أجل قضيتها مواقف إذا ذُكرت شُكرت، استوطن وأسرته المملكة كصحافي وكاتب وعاش فيها عدة سنوات، وعاد بعد أن ملأ جيوبه ورفع أرصدته بالأموال ليقيم في دولة أوروبية ويصدر صحيفة فيها باسم ثالث المساجد التي تشد إليها الرحال، واتخذ منها بوقاً ينعق من خلاله (نكراناً) ضد المملكة وبعض الدول المسالمة.
2 - الثاني: من نفس فصلية الأول، قدم عن طريق دولة عربية شقيقة ليعمل معلماً في إحدى القرى الجنوبية من المملكة في بداية النهضة التعليمية وأُنهي عقده بعد أن أمضى عدة سنوات أمن خلالها أوضاعه السكنية والمعيشية في بلده، وبدلاً من أن يرد الجميل والوفاء للبلد الذي أكرمه ونعمه وبنى له مجداً وسمعة يكافئها باصدار كتاب يتسم بالأسلوب الرخيص والرؤى والأفكار الهابطة، والمعلومات المكذوبة، ووصف القرى وأهلها بأوصافٍ تتعارض مع القيم والأخلاق.. وقد رد عليه وعرى مزاعمه العديد من أبنائنا المثقفين والمربين الفضلاء كالأستاذ الكاتب/ محسن علي السهيمي، وعبدالله بن مجني والباحث الآثاري الأستاذ/ عبدالله الرزقي، وغيرهم ممن لا تحضرني أسماؤهم.
3 - الثالث: أكاديمي يعمل حالياً بإحدى جامعات دول الخليج وينتمي مع الأسف لبلد المليون شاعر استمتع في بداية اغترابه بخيرات المملكة تعليماً وعملاً ثم غادرها غير مأسوف عليه، بعد أن شبع مالاً وعيشاً.
خاتمة: وهناك العديد من أمثال هؤلاء الناكرين للمعروف ورد الجميل ممن أحسنت إليهم بلادنا (إقامة ومعيشة) فقابلوها بالضد ونكران الجميل وكانوا ممن ينطبق عليهم قول القائل:
أعلمه الرماية كل يومٍ
فلما اشتد ساعده رماني
وكم علمته نظم القوافي
فلما قال قافية هجاني
ومهما تمادى هؤلاء وغيرهم في غيهم ونعيقهم ونكرانهم، فلن يضروا المملكة وقيادتها الرشيدة بشيء، ويصدق فيهم قول الشاعر:
كناطحٍ صخرة يوماً ليوهنها
فلم يضرها وأوهى قرنه (الفشل)