فهد بن جليد
لا يجب أن تتراخى خطوات مشروع إلزام المطاعم وقصور الأفراح بالتعاقد مع جمعيات حفظ النعمة، الخطوة الرائدة التي أطلقتها -مشكورة- وزارة الشؤون البلدية والقروية التي عكست جانباً دينياً وإنسانياً مهماً في ثقافة المجتمع السعودي الأصيل للحفاظ على النعمة من الهدر، فيما يشبه وضع (بريسيجر) للخطوات التنظيمية والعملية التي يجب على تلك الأماكن الالتزام بها واتباعها للتخلص من النعمة بطريقة مقبولة، لحفظها من صور الهدر البشعة وغير المرضية لا دينياً ولا أخلاقياً ولا إنسانياً، لا سيما والعالم يسجل هدراً يقدَّر ما بين 30 -50 في المائة من الناتج الغذائي العالمي البالغ 4 مليارات طن، ليكون مصير ثلث أو نصف ما يطبخه العالم (مكبات القمامة).
أرقام مفزعة ومخيفة لمدن عصرية ومجتمعات غير مبالية، مع تسجيل صور للمجاعة والحاجة الماسة للطعام والشراب في أجزاء أخرى من الأرض، ديننا وخلقنا وثقافتنا السعودية والعربية الأصيلة تدعونا لنكون شاكرين للنعمة محافظين عليها متشاركينها مع الأقل والأدنى منا، ولا أحد يزايد على كرم السعوديين وعطائهم ومساندتهم لكل المعوزين في العالم، بالقدر الذي تؤلمنا فيه الأرقام الكبيرة والمفزعة لحجم الطعام المهدر، نفاخر ونفخر بأنَّ بلادنا ومجتمعنا يقدم للعالم أفضل الصور والنماذج الإنسانية والخطوات العملية الناجعة للتعامل مع هذه المعضلة العالمية بطريقة رشيدة واحترافية، عبر الجمعيات السعودية المتقدمة لحفظ النعمة التي باتت (ماركة سعودية) تنافس عالمياً في تصدر أفضل الممارسات العالمية لحفظ الطعام وتدويره بطرق عصرية واحترافية، هذه الجمعيات تمثل نموذجاً سعودياً مشرفاً لمعنى التطوع والممارسة الجادة من أجل الإنسان الأقل حظاً.
لنتذكر أنَّ الرياض لها الأسبقية في استضافة العالم قبل أربع سنوات لتبادل الأفكار بين بنوك الطعام الإسلامية والعالمية والمنظمات الدولية، ونقاشهم حول طرق الاستفادة من الأغذية للحد من خسارتها وتحولها إلى (نفايات غذائية) مهدرة، وكيفية التعامل مع ذلك قانونياً ومجتمعياً وصحياً وأخلاقياً، مع استعراض اقتصادات فائض الطعام، وأحدث طرق التدوير، ودور الإعلام الجديد في التوعية، والأثر الصحي في المجتمع عند الوعي الغذائي، ما نتج عنه تسابق الدول اليوم على وضع تنظيمات جديدة لوقف الهدر، وأعتقد أنَّ تفعِّيل الغرامات والمخالفات المالية في حق المطاعم وقصور الأفراح التي ما زالت تهدر الطعام وتتخلص منه في مكبات النفايات، سيسهم في تغير السلوك والمشهد المحلي نحو الأفضل، استكمالاً للخطوة الرائدة التي تبنتها وزارة الشؤون البلدية والقروية.
وعلى دروب الخير نلتقي.