فهد بن جليد
من يملكون المعلومات الأكثر قيمة وأهمية في كل مكان، هم الأقل حديثاً والأكثر عملاً، السماع الجيِّد يُولِّد حديثاً جيداً في الغالب، بينما كثرة الكلام ينتج عنها كثرة الأخطاء، الصامتون يفوزون دائماً, من يتحدثون الحديث المناسب في الوقت المناسب، لأنَّهم يشبهون الفنان الذي يرسم بريشته تفاصيل لوحة اتفق الجميع على جمالها، فهي ذات قيمة ومعنى في ندرتها.
الموغلون في الحديث وتسيِّد المجالس والمكاتب بكثرة الكلام وترديده، تتقاطع مشاكلهم بكثرة أخطائهم، هناك قاعدة -أؤمن بها شخصياً- تقول: نصف مشاكلك الأسرية والعائلية والعملية تنتهي بمُجرد توقفك عن الحديث لنصف الوقت، والنصف الآخر مرهون بما تقول؟ وكيف تنصت للآخرين؟ هناك شيء من الفقر والحاجة الماسة للأذن الصاغية، جميعنا نحب ونقترب ممن يصغي إلى مشاعرنا، ويسمع مشاكلنا، من نتشارك معه أفكارنا، ونناقش اقتراحاتنا، فالحياة صعبة دون زوج منصت، أخ مستمع، ووالد مصغ، أو صديق مستعد للفهم والإدراك وتقديم المشورة الصادقة, وكأنَّ الناس لم تعد تملك الصبر والوقت الكاف لسماع ما لدى غيرها.
الحذر من الركون بحديثك لصديق مزيف أو قريب كاره, فكلامك ملكك طالما هو في صدرك, و مُلك غيرك متى ما خرج منه, ابتعد عن أسوأ أنواع المستمعين ولا تتحدث إليهم بسر أو فكره أو هم, فيسرقوها أو يفشو سرك أو يعيروك بهمك, هم المنشغلون أو المتظاهرين بالانشغال أثناء حديثك, من يسمعون صوتك بأطراف آذانهم لا بقلوبهم, انظر بعينك لمن قصدك بالحديث, اصغ إليه, واحفظ كلامه, واحذر من الرقص على هموم وجراح من كشف لك صدره, وأتمنك على سره.. وتذكر أنَّ النوايا الحسنة لا تغفر زلات الألفاظ وحساب الألسن.
وعلى دروب الخير نلتقي.