فضل بن سعد البوعينين
ثلاثة مؤشرات عالمية حققت فيها المملكة مراكز متقدمة، تجاوزت فيها بعض الدول الكبرى في مجموعة العشرين. جهود حكومية مكثفة ومتميزة، هدفها إحداث التحول الأمثل في الاقتصاد والمجتمع ونواحي الحياة عمومًا، تعتمد في أساسياتها على أهداف رؤية 2030، وبرامجها النوعية التي استشرفت المستقبل، ومتطلبات التغيير.
ففي الجانب الأمني حققت المملكة المرتبة الأولى في المؤشر الأمني الصادر عن تقرير التنافسية العالمي لعام 2019م، متقدمة على الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، والمرتبة الثالثة بين دول مجموعة العشرين. لا يحتاج المواطن والمقيم إلى قراءة المؤشرات العالمية لمعرفة كفاءة الأمن السعودي، ومستوى الأمان الذي بات جزءًا أصيلاً من المجتمع السعودي، حتى اعتقد البعض أنه حدثٌ تلقائيٌّ، متناسين جهود الأجهزة الأمنية الضامنة له.
الأكيد أن ذلك الشعور مرتبط بنعمة الطمأنينة التي أنعم الله بها على هذه البلاد، ثم العمل الاحترافي للجهات الأمنية التي نجحت في خلق منظومة أمنية متكاملة، قادرة على حماية البلاد والعباد من المخاطر المحدقة.
لا تخلو دولة من الجرائم بأنواعها، وتبقى المراهنة على أمرَين رئيسَين: الأول: خفض نسبتها مقارنة بالمعدلات الدولية. والثاني: القدرة على كشف الجرائم ومرتكبيها، وتقديمهم للعدالة.
وهناك جانب مهم مرتبط بثقة المواطنين والمقيمين بالجهود الأمنية المقدمة، هو أنها ثقة تعتمد على المخرجات الأمنية الشاملة، ويمكن أن تكون مؤشر القياس المحلي لأداء الأجهزة الأمنية، والمحفز الأول للمشاركة المجتمعية في تحقيق الأمن. ومن فضل الله تمكنت المملكة، بتطبيقها المعايير الأمنية الدولية، من تحقيق المرتبة الأولى في مؤشر ثقة المواطنين بخدمات الشرطة، وفي مؤشر ضبط الجرائم المنظمة.
وفي الجانب الصحي احتلت المملكة المركز السادس بين أكثر الجهات أمانًا للسفر في ظل جائحة كورونا. وهي شهادة عالمية، تستحقها المملكة على ما قامت به من جهود استباقية كبيرة لمواجهة تداعيات كورونا الصحية. أرقام حالات الإصابة المنخفضة محليًّا خير دليل على نجاعة جهود القيادة الاستباقية الموجهة لحماية الإنسان، المواطن والمقيم، التي رصدت من أجلها 47 مليار ريال في فترة زمنية قصيرة، مكّنت قطاع الصحة من توفير احتياجاتها اللازمة، وفي مقدمها المختبرات والمستشفيات الميدانية، والتوسع في غرف العناية المركزة، وفحوصات كوفيد 19، وعقد شراكات عالمية لمواجهة الجائحة، والحد من انتشار الفيروس.
تميُّز القطاع الصحي السعودي بما يحتويه من قدرات بشرية وطبية وفنية، إضافة إلى البنية التحتية، أسهم في تحقيق هذا الإنجاز العالمي.
ومن المؤشرات المهمة التي تقدمت فيها المملكة المؤشر العالمي للذكاء الاصطناعي، إذ احتلت المركز الأول عربيًّا، والـ 22 عالميًّا، بعد أن كانت في المركز الـ29 العام الماضي؛ ما يعني تحقيقها قفزة مهمة ولافتة وفق قياس الأداء السنوي.
تحقيق المركز الثاني في الاستراتيجية الحكومية يؤكد نجاعة الاستراتيجية الوطنية المنبثقة من رؤية 2030، والتحول الرقمي الذي مكّنها أيضًا من احتلال المركز التاسع عالميًّا في معيار البيئة التشغيلية.
أثبتت جائحة كورونا كفاءة البنية التحتية الرقمية، ومستوى التقدم الكبير الذي أحدثته المملكة في فترة زمنية قصيرة.
دعم القيادة للقطاع، وضخ الاستثمارات النوعية فيه، وتضافر جهود الجهات الحكومية، أسهمت في تحقيق هذا الإنجاز المهم.
إطلاق الاستراتيجية الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي، وإنشاء «سدايا» الجهة الحكومية المتخصصة لشؤون البيانات والذكاء الاصطناعي، من ممكنات التحول المهم الذي حدث في القطاع الرقمي. كما أنهما من الركائز المهمة التي أسهمت في حصول المملكة على تصنيفات متقدمة في المؤشرات العالمية.
أختم بالتشديد على أهمية استفادة القطاعين الأمني والصحي من التكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي على وجه الخصوص. يمكن للذكاء الأمني أن يعزز القدرات الأمنية، ويزيد من كفاءتها، ويفرض طوقًا أمنيًّا على كل شبر من أراضي المملكة، ويخفض التكاليف المالية والبشرية، ويزيد في كفاءة المنظومة الأمنية. الأمر عينه ينطبق على القطاع الصحي الأكثر أهمية واحتياجًا للابتكارات التكنولوجية الحديثة.