اللواء الركن م. سلامة بن هذال بن سعيدان
..والدولة التي ترعى الإرهاب ويتقاسم السلطة فيها نظام كهنوتي بغيض وحرس ثوري إرهابي لو نجحت في الحصول على سلاح نووي ضاعفت من دورها الإرهابي وتحدت المجتمع الدولي لتصدير ثورتها، متخذة من السلاح النووي وسيلة للهيمنة على الجوار والتقرب من قوى الاستعمار مع الإقدام على مغامرات كارثية تضر بالأمن والسلم الدوليين.
ومما لا يرقى إليه الجدل أن نظام الملالي ذهب بعيداً في محاولاته لتصدير ثورته، ممعناً في النفاق السياسي، ومتفنناً في امتطاء الدين في خدمة السياسة من منطلق أن الغاية تبرر الوسيلة، مع التركيز على الدعوة إلى التشيع واستخدام المذهب الشيعي جسراً يتم العبور من خلاله إلى إثارة القلاقل في الدول العربية ذات الأقليات الشيعية، محولاً بعضها إلى دول شبه فاشلة من جراء مصائب الإرهاب وصنوف العذاب وما يعنيه ذلك من التدمير والقتل والتهجير، كما يلجأ هذا النظام من وقت إلى آخر إلى المتاجرة بالقضايا التي تهم الشارع العربي وبالتحديد قضية فلسطين التي تحاول إيران الظهور بمظهر الذي يدافع عنها، جاعلة من نفسها طرفاً مباشراً في الصراع مع إسرائيل.
ونتيجة لما تدعيه إيران من أنها تقف إلى جانب الشيعة والأقليات المظلومة استطاعت أن تحشد خلفها طيفًا واسعًا من الشيعة العرب، مستخدمةً إياهم ضد أوطانهم وأمتهم العربية، كما هو الحال بالنسبة للحشد الشيعي في العراق وحزب (اللات) في لبنان والحركة الحوثية في اليمن ونظام الأسد في سوريا، علاوة على أن ما ترفعه من شعارات معادية لأمريكا وإسرائيل، ومتاجرتها بالقضية الفلسطينية دفع بعض الحركات الإخوانية السنية إلى الاصطفاف خلفها، وهي حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وحركة الجهاد الإسلامي، الأمر الذي مكنها من تشكيل محورها الذي أطلقت عليه محور الممانعة.
وهذه الأمة الممزقة التي استبيحت ساحتها من قبل نظام الملالي والنظام التركي، وتداعت عليها الأعداء من كل مكان، أما آن لها الأوان أن تستيقظ من غفلتها وتنهض من كبوتها بعد أن فقدت بعض دولها سيادتها وتغيرت ديموغرافية سكانها وتركيبة مكانها، وتحولت إلى دول فاشلة تدار من قبل العصابات الإرهابية والتنظيمات العميلة والميليشيات الدخيلة التي تهدف قوى الاستعمار من وجودها إلى إعادة رسم خريطة الوطن العربي وتحويل دوله إلى كيانات صغيرة تقوم على أسس طائفية ومذهبية تتصارع فيما بينها ليسهل الانقضاض عليها والتدخل في شؤونها والعبث بهويتها العربية وأمنها الوطني والقومي.
ومقابل المشروعين الإيراني والتركي اللذين يلتقيان مع المشروع الإسرائيلي بما يخدم المشروع الاستعماري للقوى الكبرى، لا غنى للأمة العربية عن إعادة ترتيب الأوراق وإثبات الوجود ونفض غبار الذل والاستكانة عن طريق تبني مشروع عربي يقوم على إستراتيجية عربية لحماية الأمن القومي الذي أصبح في مهب الريح، بحيث تملأ هذه الإستراتيجية الفراغ الموجود داخل الوطن العربي الذي استغله الإيرانيون والأتراك لزرع تنظيمات وميليشيات تابعة لهم في بعض الدول العربية، تعمل على تنفيذ أجندتهم في هذه الدول دون أن يتوفر البديل العربي الذي يقف في وجه التدخلات الأجنبية والمطامع الاستعمارية.
والمشكلة العويصة التي أوصلت الأمة العربية إلى ما وصلت إليه من الترهل والفرقة والانقسام تكمن في عدم وجود الإرادة الصادقة على توحيد الكلمة وجمع الصف لإتباع سياسة خارجية موحدة تجيد التعامل مع القوى الدولية الفاعلة والمنظمات الأممية المؤثرة مع إيجاد صيغة للعمل العربي المشترك وإعادة النظر في التحالفات الإقليمية والدولية بالشكل الذي يؤدي إلى استقرار المنطقة وصيانة ثرواتها وحماية أمن دولها ضد أي تأثير خارجي وتدخل أجنبي.
والإرادة الجماعية الشجاعة تستدعي إصلاح الذات وتفعيل الجامعة العربية ومجلس دفاعها المشترك، كما تتطلب النظر الجماعي في إيقاف التبادل التجاري وجميع التعاملات ذات الطابع الاقتصادي بما في ذلك المشروعات المشتركة بين الدول العربية وكل من إيران وتركيا حتى تعود هاتان الدولتان إلى رشدهما وتتخليا عن سياساتهما وممارساتهما العدوانية التي تمثل تهديداً سافراً لأمن واستقرار الوطن العربي وتدخلاً مباشراً في شؤون دوله الداخلية.
ومن الخطأ أن ثمة من يعتقد أن بإمكان أي دولة عربية أن تعيش بمعزل عن الدول الأخرى، وتحقق أمنها الوطني منفردة، خاصة تلك الدول المتجاورة أو التي تشترك في الهيئات الجغرافية والطبوغرافية، ذلك أن العوامل الجيوبوليتيكية تربط بين مصالح الجميع وتجعلها متساوية نسبة في التعرض للأخطار الإقليمية والدولية.