فهد بن جليد
لا أحد من مشاهير المال والأعمال والفن والرياضة في الغرب يخجل من نشر أخطاء ارتكبها في مسيرة حياته، إمَّا عبر كتب أو مذكرات أو مقالات أو مُقابلات تلفزيونية- على الأقل هذا في الثقافة الأغلب- ليستفيد المتابع من تلك التجارب والخبرات، بعكس ما نرتكبه في حق الأجيال الشابة في الوطن العربي بالحرص على استعراض تجارب وسير الناجحين فقط والاكتفاء بها، وتجاهل تجارب تحوي نصائح وفائدة أهم وأكثر تستحق التفتيش عنها في جعبة الفاشلين، اتباع سيرة الناجحين لا يضمن تكرار نجاحهم، بالمقابل معرفة أخطاء الفاشلين يضمن فائدة تجنب الوقوع فيها، وسلك طُرق أخرى تناسب ناجحين جُدد.
سيرة العصامي في عالمنا العربي لا يجب أن تبقى لتمجيد وتلميع رجال الأعمال، شبابنا متعطشون لسماع شيء عن تجارب وأخطاء فاشلين صحَّحوها في الوقت المناسب وعدَّلوا من مسيرتهم حتى لا يقع فيها ويكرِّرها غيرهم، مثل من فوَّت فرصة إكمال التعليم، من لم يدخر المال ليشتري منزلاً أو يتزوج أو يستثمر، من كلفته صداقة زائفة وقته وصحته وجهده وعائلته، من هاجر وترك وطنه وخسر، هناك تجارب وسير وخبرات طويلة وعريضة يمكن أن يستفيد منها أبناء الجيل لو وجدت منصة تجمعها، أو تُطلق من خلالها لتعم الفائدة والمعرفة.
كبريات الشركات العالمية الشهيرة والناجحة اليوم بدأت بأخطاء وتجارب فاشلة صححها وتجنبها مُلاكها في الوقت المناسب، مثل هذه القصص أهم وأكثر فائدة، النجاح يولد من رحم الفشل في أوقات كثيرة، مدرسة الحياة الواسعة والفسيحة تلزمنا بالاطلاع على كافة الصور والتجارب للإفادة والاستفادة، من لا يقرأ في سيرة الفاشلين قبل الناجحين وقصصهم لن يعرف كيف يتجنب الحفر ويسد مداخل الفشل والضعف، ليعزِّز من نقاط القوة ويتلمس أسباب النجاح في الصفوف الأولى والمراكز المتقدمة، اسأل نفسك لتعرف الفرق؟ لو وجدت كتابين الأول عن طريق النجاح، والآخر عن حفر الفشل، فأي الكتابين ستختار؟.
وعلى دروب الخير نلتقي.