عمر إبراهيم الرشيد
التجديد مطلب أصيل وحتمي في كل شؤون الحياة، والركود يفسد حتى الماء الزلال. ومعلوم حجم الجهود التي تبذلها وزارة الإعلام في ميدان عملها، ومفهوم كذلك حجم التحديات التي تواجهها للحاق بالسباق في كافة مجالات الإعلام وذلك مع القطاع الخاص. التغيير الجاري في منظومة البرامج ومقدميها والمذيعين في الأخبار وغيرها في القنوات الحكومية يدل على أن هناك جهوداً تبذل، وللحق فإن هناك تطويراً في القنوات وتغييراً للأفضل وجودة في كثير من البرامج، كما أن هناك قصوراً وهذه طبيعة البشر فمن لا يخطئ فهو قطعاً خامل لا يعمل. إنما أردت هنا الإشارة إلى أمرين في رأيي المتواضع أنهما بحاجة إلى إعادة نظر ومراجعة، وأحسب أن وزير الإعلام المكلف الدكتور ماجد القصبي من الحنكة والخبرة الإدارية بحيث لن يغفل عنهما برغم ثقل الملفات التي ينوء بحملها.
الأمر الأول هو إعادة النظر في محاولة مجاراة بعض القنوات الفضائية الخاصة سواء في طريقة العرض أو التقديم، إضافة إلى مظهر بعض المذيعين والمذيعات أنفسهم، إن كان من حيث اللباس أو سلامة اللغة أو الأداء، فقد انتقلت عدوى إدخال الألفاظ الأجنبية والإنجليزية تحديداً وبشكل خاطف في أحاديث بعض مقدمي ومقدمات البرامج، وهذا في رأيي ما أفقد كثيراً من تلك البرامج القبول من المتابع وأفقدها عفويتها وطبعها بطابع التكلف والتصنع، باستثناء تلك البرامج الرصينة ومقدميها من الجنسين الحريصين على مهنيتهم بلا تكلف أو تصنع أجوف. وإن كان المقصد من ذلك السباق المحموم مع القنوات الخاصة هو جذب الشباب والتواصل معهم ومع أحلامهم وقضاياهم بحكم أنهم أكثرية المجتمع فهذا مطلب وتفكير منطقي بلا جدال، إنما يمكن ذلك بلا مجاراة فجة للقنوات الخاصة في طريقة العرض والتقديم والمظهر، مراعاة للهوية الوطنية والاجتماعية.
أما الأمر الثاني فهو مستوى بعض المذيعين والمذيعات إن كان على مستوى اللغة أو الثقافة العامة، وهنا تساؤل ليس بالجديد طبعاً، وهو عن عدم الاحتفاظ بقدامى المذيعين والمخرجين والمعدين المتميزين وجعلهم يقودون أو يشرفون على تلك البرامج، فيكتسب الشباب الخبرة منهم، ويعطي وجودهم ثقلاً وإضافة عريقة لمختلف البرامج حتى يسلموا الدفة تدريجياً للكفاءات الشابة من الجنسين.
ومن أغرب الأمور في رأيي معاملة المذيعين والمخرجين كموظفين يحالون على التقاعد بمجرد بلوغهم السن أو سنوات الخدمة، وعدم التعاقد معهم بعد ذلك لاستمرار عطائهم وضبط إيقاع العملية الإذاعية والبرامجية سواء في الإذاعة المسموعة أو المرئية، فالعمل الإعلامي ليس وظيفة بقدر ما هو حس ثقافي وقدرة على التواصل لا يتوقف عند سن معينة. وأعيد التذكير بأن التجديد وإعطاء الشباب الفرصة هو من ملامح التحول والرؤية التي يقودها خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد حفظهما الله، ومنها الإعلام بكافة وسائله وقنواته، إنما يحسن بالوزارة إزاء هذا الدعم الحكومي الاستفادة من ذوي الخبرة والقدامى من المذيعين والمخرجين والمعدين جنباً إلى جنب مع الشباب من الجنسين حتى يتشربوا الخبرة منهم ويصبحوا إعلاميين محترفين. ولعل مصارحة معالي الوزير المكلف الدكتور ماجد القصبي قبل فترة للإعلاميين بكافة فئاتهم بأن إعلامنا بحاجة إلى المراجعة للحاق بمسار الإعلام الإقليمي والدولي تؤكد ما قلته، ولا بد لأجل ذلك من مراعاة المحتوى والمهنية والاستعانة بالخبرات إلى جانب الكفاءات الشابة، إلى اللقاء.