بكري عساس
لمكة المكرمة مع الصحافة والثقافة تاريخ عريق، لا تجاريها فيه مدينة أخرى من مدن هذا الوطن الغالي (المملكة العربية السعودية).
فقبل مئة وخمسة وثلاثين سنة أُنشئت في مكة المكرمة أول مطبعة في الحجاز، وثاني مطبعة عرفتها جزيرة العرب بعد مطبعة صنعاء باليمن.
وبعدها بنحو ربع قرن من الزمان تأسست في مكة المكرمة أول صحيفة عرفتها جزيرة العرب: صحيفة حجاز، تلتها صحيفة شمس الحقيقة، ومن ثم صحيفة القبلة.
وحين توحدت بلاد الحرمين الشريفين (المملكة العربية السعودية) في عام 1932م أصدر جلالة الملك عبدالعزيز بن عبد الرحمن آل سعود -رحمه الله- أول صحيفة في تاريخ المملكة من مكة المكرمة، هي صحيفة أم القرى.
ثم تتابعت بعد ذلك الصحف المكية: الحرم، وصوت الحجاز، وحراء، والندوة، وأخيرًا صحيفة مكة.
وأضف إلى ذلك مجلات: قريش، ورابطة العالم الإسلامي، والتضامن الإسلامي، ومجلة الحج التي تعتبر أول مجلة سعودية حكومية صدرت في عهد الملك عبد العزيز -رحمه الله-، وصدر العدد الأول منها في شهر رجب عام 1366هـ باسم مجلة الحج.
ومن الطريف أن أول صحيفة رياضية في المملكة صدرت في مكة! هي صحيفة (الرياضة) التي صدرت سنة 1380هـ.
والأكثر طرافة أن أولى محاولات المسرح في المملكة كانت على يد الشيخ والأديب المكاوي أحمد السباعي في عام 1960م؛ إذ قام بتأسيس فرقة مسرحية في مكة، وأنشأ معها أول مدرسة للتمثيل في المملكة، سماها «دار قريش للتمثيل الإسلامي»، وبدأت الاستعدادات للقيام بأول عرض مسرحي، غير أن الظروف حالت دون ذلك.
إنه تاريخ صحفي ثقافي عريق، حافل بالعطاء، بالعلم، بالفكر، بالإبداع، بالموهبة، بالثقافة، وبالشعر والأدب.
وعليه فإن مكة المكرمة ليست العاصمة الدينية فحسب، بل هي عاصمة الصحافة، وعاصمة الثقافة، وعاصمة الأدب.
أما الصحف المكية فقد اقتبست من شرف المكان شرف الرسالة والغاية والوسيلة، فصحيفة مصدرها مكة يجب أن تنعكس عليها حرمة المدينة المقدسة، وروحانية البيت، ومهابة الحرم، وجلال الكعبة المشرفة.
فهنيئًا لأهل مكة (المدينة المقدسة) هذا الإرث التاريخي العريق.