واس - نيويورك:
أكد صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله وزير الخارجية استمرار المملكة العربية السعودية بالتزاماتها نحو تعزيز العمل الجماعي، ومواصلة النهج المتعدد، وتعاونها مع الأمم المتحدة من أجل مواجهة التحديات العالمية، والحفاظ على السلام والاستقرار، وتحقيق الرخاء والازدهار لشعوبنا، وذلك من منطلق أن النظام العالمي يتسم بأنه دائم التغيُّر، وأن حجر الأساس لتحقيق عالم أفضل، يسوده الأمن والاستقرار والرخاء، يكون عبر تعزيز التعاون والتضامن الدولي.
جاء ذلك في كلمة المملكة التي ألقاها سمو وزير الخارجية افتراضيًّا مساء أمس الأول خلال دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة الخاصة الـ31 لبحث طرق الاستجابة العالمية لجائحة كوفيد - 19، والتعافي منها.
وقدم سموه في بداية الكلمة الشكر لمعالي رئيس الدورة الخامسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة السفير فولكان بوزكير على عقد هذه الجلسة الاستثنائية لتوحيد الجهود لمكافحة جائحة كوفيد-19؛ وذلك استجابة لمبادرة دول حركة عدم الانحياز التي دعا لها فخامة رئيس جمهورية أذربيجان إلهام عالييف، مشيدًا بالجهود المميزة التي يقوم بها معالي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش لرفع كفاءة عمل الأمم المتحدة، ولتنسيق استجابة موحدة لمكافحة جائحة كوفيد- 19.
وقال سموه: لقد كان هذا العام عامًا استثنائيًّا بكل المقاييس، واجه العالم خلاله تحديًا مشتركًا غير مسبوق، يتمثل في انتشار جائحة كوفيد-19، هذه الجائحة التي اجتاحت عالمنا، وحصدت أرواح ما يقارب المليون ونصف المليون من البشر خلال فترة زمنية لا تتجاوز العام، وأصابت أكثر من 54 مليون شخص حول العالم، ولم تفرق بين رجل وامرأة، أو بين شيخ كبير وطفل رضيع. وألحق هذا الوباء بالعالم أضرارًا اقتصادية وصحية وإنسانية بليغة؛ ما تسبب في توقف كل سبل ومناحي الحياة. وما زالت شعوبنا ودولنا تعاني من الآثار السلبية التي سبّبها -وما زال يسببها- هذا الوباء.
وأشار سمو وزير الخارجية إلى أنه على الرغم من التقدم العلمي والتكنولوجي، وابتكار العالم أحدث أنواع الأسلحة المدمرة، إلا أن الجائحة كشفت لنا مدى ضعف وهشاشة النظام العالمي في مواجهة فيروس لا يُرى بالعين المجردة؛ ليكون ناقوس خطر يذكّرنا بالعمل معًا جنبًا إلى جنب لنتجاوز خلافاتنا ومصالحنا الضيقة.
وأضاف سموه: علينا العمل على تنسيق استجابة دولية موحدة، تمكننا من مكافحة هذا الوباء وتهديداته الصحية والإنسانية، واستعادة الاستقرار المالي والاقتصادي العالمي، ووضع الخطط في سبيل تحقيق نمو قوي ومستدام ومتوازن وشامل، يمنع حدوث ركود اقتصادي أشبه بالكساد الكبير. وأوضح سمو وزير الخارجية أن المملكة العربية السعودية ترأست مجموعة العشرين لهذا العام في وسط الظروف الصعبة التي يمر بها العالم بسبب الجائحة. وقد اتخذت خلال رئاستها تدابير وقائية لمعالجة العواقب والآثار السلبية الناتجة من انتشار جائحة كوفيد-19. وإيمانًا بدورها الإنساني قامت المملكة على الفور بتعديل أجندة رئاستها الأصلية للنظر في الحقائق الجديدة لمواجهة هذا التحدي المشترك.
وأردف سموه قائلاً: لتوحيد الجهود الدولية، وضمان استعادة النمو والانتعاش الاقتصادي العالمي، قامت المملكة بعقد قمة استثنائية في شهر مارس الماضي على مستوى قادة مجموعة العشرين، أعلنت المملكة العربية السعودية خلالها تقديم مبلغ 500 مليون دولار لدعم جهود مكافحة الجائحة، وتعزيز التأهب والاستجابة للحالات الطارئة. وقد نتج من هذه القمة اتخاذ عدد من التدابير العملية والفورية عبر ضخ 11 تريليون دولار في الاقتصاد العالمي لحماية الوظائف والأرواح، ولضمان استمرار الانتعاش الاقتصادي، والمساهمة بما يزيد على 21 مليار دولار لدعم الجهود العالمية للتصدي لهذه الجائحة.
وأفاد سمو الأمير فيصل بن فرحان بأن مجموعة العشرين أطلقت هذا العام مبادرة تعليق الديون للدول الأقل نموًّا التي من شأنها أن تسمح للبلدان المستفيدة بتأجيل 14 مليار دولار من مدفوعات الديون المستحقة حتى منتصف العام المقبل، واستخدام هذه المبالغ لتمويل أنظمتها الصحية وبرامجها الاجتماعية والتنموية.
ومضى سموه يقول: من أجل إقرار سياسات دولية لمواجهة هذه الأزمة بادرت المملكة العربية السعودية، إلى جانب شركائها، بتقديم قرار الجمعية العامة المعنون بـ»الاستجابة الموحدة ضد التهديدات الصحية العالمية: مكافحة كوفيد-19»، الذي اعتمدته الغالبية العظمى من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة دون اعتراض، ويشدد على الحاجة الملحة إلى تكثيف الجهود العالمية لمكافحة الأزمات الصحية العالمية والأوبئة، والحفاظ على الاستقرار الاقتصادي، والتسليم السريع للإمدادات الطبية، ولاسيما أدوات التشخيص والعلاج والأدوية واللقاحات، وتقديم المساعدة للضعفاء في جميع أنحاء العالم دون تمييز، ولاسيما كبار السن والنساء والفتيات والمشردين واللاجئين والأشخاص ذوي الإعاقة. وجدّد سموه التشديد على أنه من منطلق أن شعاع الأمل بدأ يلوح في الأفق مع بوادر الحصول على لقاح فعّال، ينهي هذه الأزمة الإنسانية، وينهي معها حالة الركود الاقتصادي العالمي، تشدد المملكة على ضرورة ضمان وصول اللقاحات إلى جميع الدول، وتهيئة الظروف التي تتيح الوصول إليها بشكل عادل، وبتكلفة ميسورة؛ لتوفيرها للشعوب كافة، وبدون تمييز، وأهمية ضمان حصول الجميع على الرعاية الصحية واللقاح دون تمييز أو تفريق، وضرورة صياغة استراتيجيات للتعافي من وباء كوفيد-19، وللتأهب بشكل أفضل للأوبئة المستقبلية والمضي قُدمًا على المسار الصحيح لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، وضمان عدم تخلف أحد عن الركب، وضرورة تعاون منظومة الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والدولية والمؤسسات المالية ذات الصلة من أجل ضمان معالجة الآثار الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية والمالية السلبية للوباء، والعمل نحو تشكيل آفاق جديدة لمعالجة مَواطن الضعف التي ظهرت خلال هذه الأزمة.