لا يمكن لأي شخص يتحدث عن جيل العمالقة في الحركة الكشفية في المملكة العربية السعودية، إلا أن يبرز اسم الرائد الكشفي كامل محمود فطاني، المولود في مكة المكرمة عام 1360هـ، بوصفه شخصية أفنت نفسها بعطائها، وتركت إرثًا وأثرًا كبيرَيْن في الساحة الكشفية، سواء على المستوى الوطني أو العربي. وقد بدأ الكشفية منذ نعومة أظفاره، وتدرج فيها من كشاف إلى أن وصل إلى رائد لجوالة كلية الآداب في جامعة الملك سعود بالرياض إبان دراسته الجامعية فيها، حتى أصبح مديرًا للنشاط الكشفي في وزارة المعارف بمسماها القديم خلال الفترة 1386- 1417هـ، قبل أن يصبح مديرًا لإدارة الميزانية والمتابعة بالوزارة نفسها، واختير لعضوية مجلس إدارة جمعية الكشافة العربية السعودية في تشكيلها التاسع الذي صدر عام 1412هـ برئاسة معالي الدكتور عبدالعزيز الخويطر -رحمه الله-، واختتم عمله الكشفي بالعمل أمينًا لرابطة رواد الحركة الكشفية بالمملكة، وتوج ذلك بالحصول على العديد من الأوسمة، من أهمها حصوله على قلادة مجلس التعاون الخليجي عام 1416هـ، ودرع النخبة من رواد كشافة المملكة عام 1420هـ، والقلادة الكشفية الفضية لجمعية الكشافة عام 1426هـ، وقلادة الكشاف العربي عام 1428هـ.
اتسم الرائد فطاني بالشفافية؛ إذ كان صاحب نقد بنّاء، واتُّخذت العديد من ملاحظاته ومقترحاته بعين الاعتبار؛ إذ كانت عين الصواب، وكانت جادة الطريق الصحيحة. كما كان يخاف أن تؤول الكشفية إلى جادة تبعدها عن أصالتها وهدفها. كنت قريبًا منه في فترة ماضية، وأتذكر أنه حدثني عن جيلهم الكشفي والجيل الحالي، وأكد حينها أن الجيلين مختلفان عن بعضهما؛ إذ كان جيلهم يهتم بتفاصيل البرامج الكشفية الجوهرية، كنظام الطلائع وحياة الخلاء والتدريب الكشفي، فيما جيل اليوم - وكان على رأس العمل وهو يقول هذا الكلام - يهتم بالبرامج النظرية دون الحاجة إلى التعمق في أهداف البرنامج، وأنه بدأ الآن الاهتمام بالمواضيع النظرية أكثر من التطبيقية، كما أنه على مستوى القيادات زاد الاهتمام بالتأهيل من حيث الكم، وقلّ الاهتمام بدقة اختيار المتدربين والمدربين.
أتذكر مرة ونحن على متن الطائرة متوجهون للقاهرة لحضور المؤتمر الكشفي العربي الخامس والعشرين في نوفمبر 2007م أن الحديث طوال الرحلة معه كان عن أن الكشفية افتقدت كثيرًا من الأمور، منها نظام التغذية الذاتي في المخيمات، كما فقدت روح الاستكشاف في رحلاتها، وروح المرح التلقائي والتعبير عن الذات في حفلات السمر، وأنه قد حان الوقت من القطاعات الكشفية لكي تعود بكشافيها بمختلف مراحلهم إلى الروح الكشفية الأصيلة، وذلك بالاهتمام بحياة الخلاء والتقاليد، ومنح من تحتنا الفرصة في اتخاذ القرار، وفي اقتراح البرامج، والمشاركة في قيادتها، والاهتمام بشارات الجدارة.
لقد حفل تاريخ الرائد فطاني بالكثير من المشاركات؛ إذ ترأس وفود المملكة في الكثير من المناسبات، من أبرزها الرحلات الكشفية لتوثيق العلاقات من عام 1394هـ إلى عام 1398هـ، التي كانت لدول (تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا وتركيا وسوريا والأردن وإيران). كما شارك في العديد من المناسبات العالمية، منها المخيم الكشفي العالمي في اليونان عام 1963م، وكان لا يزال جوالاً بجامعة الملك سعود، ومخيم الجوالة العالمي في السويد عام 1966، ومخيم حاملي الشارة الدولية في لندن عام 1966، وجميع المخيمات العربية الإسلامية في مكة المكرمة منذ عام 1384هـ. كما شارك في مخيم الجوالة العرب في تونس عام 1393هـ، والمعسكر الكشفي العربي الثامن في تونس عام 1396هـ، والعديد من الدورات والدراسات المحلية، وألّف العديد من المؤلفات، منها كتاب الراصد الجوي، وكتاب الفنون البحرية، والتجربة السعودية لتنمية القيادات الكشفية، كما أنه صاحب مقترح تسمية مجلة السارية التي كانت تصدرها الجمعية بهذا الاسم.
** **
Mawdd2@hotmail.com