د. محمد عبدالله الخازم
ضمن أقوال سمو ولي العهد (25-4-2016م) جاء «نحن ننظر للقطاع غير الربحي بأنه قطاع مهم.. وسنعتمد على القطاع غير الربحي بشكل رئيس». هذا القطاع يتمثَّل في أربعة أنواع رئيسة من المؤسسات المدنية وهي:
1- الخيرية charitable
2- التعاونية cooperative
3- غير الربحية non-profit/ foundation
4- الوقفية endowment
التحولات في بعض القطاعات ومنها الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية تفرض تكرار الكتابة في هذا الموضوع. مثلاً، استقلالية الجامعات والخلط الذي يقوده البعض بين الخيرية وغير الربحية والوقفية ... إلخ. الشؤون الاجتماعية لدينا تشرع وتشرف أو تركز على على الفئتين الأولى؛ الجمعيات الخيرية والتعاونية؛ وليس لديها هي أو وزارة التجارة تشريعات حول المؤسسات غير الربحية. الأوقاف لها مرجعية ونظام آخر تشرف عليه هيئة الأوقاف.
أبدأ بالأوقاف، وهي جزء من آليات التمويل، ومرجعيتها التشريعية واضحة، لكن نحتاج إلى نشر ثقافة الأوقاف وتطوير أنظمتها الإجرائية المختلفة كأنظمة الحوكمة والتقارير المحاسبية السنوية وغير ذلك. هناك توجه لدى المؤسسات التعليمية والثقافية والصحية وبعضها بدأ تأسيس الأوقاف لكن الآليات لا تساعدهم على ذلك بشكل ميسّر وسهل. الوقف في الجامعات يعتبر ضمن الأصول ويصرف فقط من أرباحه وفق ما حدّد له من قبل مؤسسه أو المتبرع به، وعليه فهو لا يعتبر المصدر التمويلي الأول للميزانية التشغيلية، مقارنة بالرسوم الدراسية مثلاً.
المؤسسات غير الربحية هو المفهوم غير الواضح في التشريعات المحلية. ليست كل مؤسسة غير ربحية جمعية خيرية، هذا تعريف غير دقيق. الجمعية الخيرية تخصص دخلها أو جزءاً منه للعمل الخيري، بينما لا يعتبر ذلك شرطاً للمؤسسات غير الربحية. المؤسسات غير الربحية لا تصرف أرباحها في العمل الخيري وإنما في تطوير المؤسسة ذاتها. على سبيل المثال بإمكان الجامعة أو المستشفى أن يكون مؤسسة غير ربحية، يبنى على أسس اقتصادية وتشغيلية بحتة. فكرة غير ربحية تعني أن تحقيق رسالته النوعية يسبق هم تعظيم الأرباح للأفراد ودخله يستخدم في تطويره وليس في توزيعه كصدقات أو أرباح أسهم للملاَّك.
غياب التعريف والتشريع للمؤسسة غير الربحية غير الخيرية أو غير التعاونية يجعل مؤسسات مثل مسك أو جامعة الأمير سلطان تنضوي تحت مظلة جمعيات خيرية، بينما لا يفترض لها ذلك. كما أن غياب المفهوم يجعلنا لا نرى مؤسسات غير ربحية (Foundations) تؤسسها أرامكو والخطوط والبنوك والشركات العائلية وغيرها. كذلك نرى التناقض في المسميات محلياً وخارجياً، مثلاً مؤسسة الوليد بن طلال تصف نفسها غير ربحية (Foundation) خارجياً وخيرية (Charitable) داخلياً. لقد كتبت سابقاً؛ هل نرى مسك تخرج من مسمى الخيرية لتصبح فورد السعودية تستثمر في مجالات تخصصها؟ فورد أحد أشهر المؤسسات العالمية غير الربحية، بدأت بمبالغ قليلة والآن أعمالها بمليارات الدولارات.
أطالب بنظام مرن للمؤسسات غير الربحية يميزها عن الخيرية، حتى نتمكّن من استيعاب التحولات الاقتصادية الحديثة التي تتبناها رؤية المملكة. أيهما أفضل وأدق أن نقول، التخصصي وجامعة الملك سعود مؤسستان خيريتان، أم مؤسستان غير ربحيتين مثلهما مثل هارفارد وكلفلند وغيرهما!