أحمد أمير محمد
اغتيال محسن فخري زاده كان ضربة موجعة للنظام الإيراني بكل المقاييس لأنه كان ركيزة مهمة بالنسبة للقطاع العسكري وكان موضع آمال النظام في إحداث طفرة عسكرية والوصول إلى سلاح نووي أو سلاح تعادل قدرته التدميرية سلاحاً نووياً، وهذا واضح في تصريحات المسؤولين العسكريين الذين توعّدوا بالانتقام لمدير قطاع الدفاع النووي على حد وصف وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي. وهو نفس السبب الذي يدفعنا إلى الاعتقاد بإبداء إيران رد فعل إزاء فقدانها أبرز أدواتها العلمية والبحثية في مسار تطويرها الأسلحة والصواريخ. حجم المشاكل الذي تواجهه إيران خلال هذه الفترة سواء الاقتصادية أو الأمنية يبرز مدى اضطراب أوضاع النظام الإيراني وبناءً عليه هناك ثلاثة أسباب رئيسية تدفع إيران إلى إبداء رد فعل إزاء اغتيال عالمها النووي لإلهاء الشعب الإيراني:
1 - ظهرت انتقادات من بعض نواب البرلمان تجاه أداء وزارة الاستخبارات في التصدي لمثل هذه العمليات وعدم توقعها وبالتالي ربما يقدم النظام على عملية استخباراتية ولو لم تكن بمستوى مقتل العالم النووي لحفظ ماء الوجه أولاً لمنظومته الاستخباراتية.
2 - اغتيال قاسم سليماني وغيابه عن ساحة النفوذ الإيراني في سوريا والعراق ولبنان واليمن وما تسبب فيه اغتياله من عرقلة عناصر إيران وارتباطهم بعملائهم في المنطقة، لا يزال واضح الأثر وعلى الرغم من تظاهر النظام الإيراني بالانتقام له من خلال قصف قاعدة عين الأسد، إلا أن هذه العملية لم تحقق خسائر كما كانت إيران تتوعَّد بذلك.
3 - شعور إيران بأنها محاطة بتهديدات خطيرة وتربصها للأحداث السياسية وتشكيل تحالفات ضدها وهمسات عن توجيه ضربة عسكرية لها، يدفعها للتظاهر والادعاء بأنها على أرض صلبة ومستعدة لصد أي تهديد.
ولكن هذا لا يمنع احتمالية أخرى وهي اتجاه إيران نحو تخفيض أكثر للالتزام ببنود الاتفاق النووي أو اتخاذ إجراء مثلاً كالخروج من البروتوكول الإضافي؛ أي إجراء يتعلّق بالقيود النووية. وهنا يجب الحذر بشدة من مردود هذا الخيار لأن إقدام إيران على هذه الخطوة يعني أنها أعلنت الحرب في سرها، وتنوي توجيه ضربة عسكرية لا تُسفر عن خسائر بقدر استعراض القوة وإزاحة الستار عن إمكانية أو سلاح عسكري جديد له قوة تدميرية تقترب إلى القنبلة الذرية. إيران ترغب دائمًا في أن تُصور للعالم بأن لديها الكثير من الخيارات وبطاقات اللعب على الساحة العسكرية وحقيقتها غير ذلك.
أما عن الأهداف الأمريكية أو الإسرائيلية المحتملة هناك فرضيتان؛ أولًا إذا أرادت إيران توجيه ضربة مباشرة ولا أعتقد أنها سوف تفعل سوف تتبع نفس أسلوبها حينما قصفت قاعدة عين الأسد وسوف تتعمد عدم وقوع خسائر بشرية لكن إذا أرادت الانتقام عن طريق عناصرها بالوكالة فسوف تستهدف مصالح تجارية أو ناقلات نفط على سبيل المثال وأتوقّع أنها ستتوجه إلى ضربة بحرية نظرًا لاتساع إمكانيات قواتها البحرية عن بقية فصائل قواتها المسلحة.
وصول الاغتيالات إلى الداخل الإيراني يبرز كما ذكرتُ سلفًا، ضعف أداء المنظومة الاستخباراتية الإيرانية وإذا نظرنا لهذا البعد على ضوء إسقاط الطائرة الأوكرانية سوف نشاهد حالة اضطراب وانعدام كفاءة لدى العنصر البشري في المنظومة العسكرية والأمنية الإيرانية.
** **
- باحث مصري في الشأن الإيراني