اللغة تحتل مكانة كبيرة في حياة الشعوب والمجتمعات فهي الوسيلة الوحيدة للتواصل والتفاهم بين الناس ومجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية الذي أعلن عن تأسيسه مجلس الوزراء، له الكثير من الأهمية إقليمياً ودولياً ويهدف إلى إبراز المكانة الكبيرة للغة العربية على جميع اللغات وتفعيل دورها وقيمتها المُعبّرة عن العمق اللغوي للثقافة العربية، وترجمة الإنتاجات المعرفية والعالمية، وتعريب الألفاظ والمصطلحات الجديدة التي لم يسبق أن وضع لها ألفاظ ومصطلحات، والعمل على تصحيح الأخطاء الشائعة في الألفاظ والتراكيب ودراسة كل ما له صلة باللغة العربية من اللهجات، ولأن اللغة العربية أكثر جزالةً في الألفاظ والقُدرة الواسعة على استيعاب المعاني الجليّة فهي تُعد من اللغات الأكثر انتشاراً على مستوى العالم وأبرزها على الإطلاق وتسمى «لغة الضاد» الحرف الوحيد الذي يوجد في اللغة العربية ولا يوجد في أي لغة من لغات العالم الأخرى، وقد حَظِيَت من الاهتمام والعناية ما لم تحظَ بهِ أي لُغةٍ من لغات العالم فهي أفصح اللغات وأبينها وأوسعها وأكثرها تأدية للمعاني لأنّها لُغةُ القرآن الكريم، قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} (سورة يوسف:2), وتنفرد اللغة العربية بالكثير من المميّزات، فهي لغةٌ فضفاضةٌ واسعةُ المدى والبيان ومرونة الاشتقاق وجذورها متناسقة، إذ إنّ لكلّ كلمة جذراً أصليّاً وتمتاز بالفصاحة وخلو الكلام ممّا يشوبه من تنافرٍ بالكلمات وكثرة المفردات وبعلم العروض الذي ينظم أوزان الشّعر وبحوره، ويضع القواعد الرئيسيّة لكتابة الشّعر، والترادف من الكلمات على نفس المَعنى المراد وبلاغة الكلمات وأجملها، وكتابة الأشعار وأمتعها، وتنوع اللهجات وأشملها، وهنا نقرأ بعضاً من روائع اللغة العربية في القصائد والكلمات المعبّرة وفي الوصف منها: بيت من الشعر تستطيع أن تقرأه دون أن تحرك شفتيك:
قطعنا على قطع القطا قطع ليلة
سراعا على الخيل العتاق اللاحقي
وأيضاً هذه إحدى القصائد العجيبة التي إن قرأتها من اليمين إلى اليسار تكون في المدح وعند قراءتها من اليسار إلى اليمين تكون في الذم:
طلبوا الذي نالوا فما حُرموا
رُفعتْ فما حُطتْ لهم رُتبُ
وهَبوا وما تمّتْ لهم خُلقُ
سلموا فما أودى بهم عطَبُ
جلبوا الذي نرضى فما كَسَدوا
حُمدتْ لهم شيمُ فما كَسَبوا
فاللغة العربية لغة كاملة محببة عجيبة، تكاد تصور ألفاظها مشاهد الطبيعة وتمثل كلماتها خطرات النفوس، وتكاد تتجلى معانيها في أجراس الألفاظ، كأنما كلماتها خطوات الضمير ونبضات القلوب ونبرات الحياة، فالمملكة العربية السعودية هي منطلق الإسلام والعروبة وملتقى لمختلف الحضارات عبر التاريخ ومنبعاً للغة العربية وثقافتها، وعند الإعلان عن إنشاء مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية كانت له أصداؤه الواسعة عبر الوسائل الإعلامية المختلفة وعرضها للبرامج واللقاءات التلفزيونية والفضائية والمقالات الصحفية وما يحمله هذا المجمّع التاريخي من أهداف سامية ومؤثرة في إبراز اللغة العربية والحفاظ عليها وأن يكون مرجعاً عالمياً في مجالات اللغة العربية وتطبيقاتها.
** ***
b.abdulkareem@hotmail.com