د. خيرية السقاف
الجو شتائي موشَّى بربيع، ذي مناخ ندي تبوح في حضوره الفضاءات بأسرار جمالها..
تخطف الصحراء ألباب الناس فيهرعون لزخات المطر ممتعين بنسائم باردة تجوب كمسحة كف الأمهات على وجوههم، يحدون مع قوافل مشاعرهم..
كذلك تفعل الشواطئ هناك بهم، حيث النفوس تبسط نسيجها مع آماد أمواجها..
السماء المتكتظة بغيومها، المكتسية سحبَها، المتلألئة بنجومها في حضرة هذه الأجواء
تفتح أسفار حكاياتها لهؤلاء المختطَفين بالسحر الحلال في ليلها، ونهارها!..
الناس تقرأ أبجدياتها بلكنات مشاعرهم، وأساليب إحساسهم..
الناس في هذه الأجواء المذهلة منبهرين..
مسلوبين من إرادتهم عن طبيعتها..
وأية قوة جاذبة في ملكوت الله لإحساس الإنسان أقوى من سحر الطبيعة؟!
ومن جاذبية بديعها؟!..
حتى القلوب القاسية في هيمنة جمالها ترق..
حتى الطباع الصلدة تلين..
حتى الاختلاف المزاجي بين البشر يتواءم..
هذه الأجواء مخاض الحنين..
بلسم الأنين!..
يد رحيمة تُطعم جوعَ القلوب..
شالٌ حريري يدفئ بردَ شتائها..
لمَّةُ كنفٍ تجمع شتاتها!..
في مدى الصحراء يتحدث قمرها،
كذا تتكلم شمسها!..
يتغنى هواؤها، كما ترقص المخيلات فيها..
في زوايا ساحاتها، ومساحاتها يحيا الجمر..
كما تصدح أبخرة الشواء!..
زخم ٌرحيم تتضوّع به فراغات الأرض،
والسماء..
ملكوتُ إبداعٍ لا يصنعه بشر..
وإنما يهبه خالق عظيم...
«الرياض» فيها عروس تتباهى بإمداد طقسها، وهبات مناخها..
موسمها معه هذا الإبداع الإلهي..
موسمها مع قراءات أبجديات مشاعر تدب أجساد أناسها
فوق ثراها المفعم بنسيج جمال هذا الإبداع..