فضل بن سعد البوعينين
بدأت هيئة تطوير المنطقة الشرقية في رسم وتوجيه التنمية، وبما يضمن كفاءة المخرجات المستقبلية، والحد من المشكلات التنموية التي تؤثر سلبًا على المدن والمحافظات وسكانها. وجود هيئة لضبط التنمية من خلال التخطيط والتشريع، والتنسيق والتمكين، والإشراف والمتابعة يعزز كفاءة المخرجات التنموية ويحقق المتطلبات المتوافقة مع أهداف رؤية المملكة 2030. المواءمة بين برامج الرؤية وبرامج الهيئة من أركان عمل الهيئة الإستراتيجي.
شددت رؤية 2030 على تحقيق هدف جودة الحياة، والاستثمار الأمثل للمقومات، وهو أمر يحتاج إلى كثير من الجهد، ومظلة تشريعية وإشرافية موحدة، إضافة إلى التخطيط الإستراتيجي والمساهمة في تمكين الجهات التنفيذية والخدمية وضمان التنسيق الأمثل بينها، كفريق عمل متكامل يخدم المنطقة بشمولية وكفاءة، وأحسب أن الهيئة هي المظلة الشاملة القادرة على تحقيق تلك الأهداف المباركة.
لا يمكن تحقيق التنمية الشاملة بمعزل عن التخطيط الإستراتيجي الذي يأخذ في الحسبان أربعة أركان مهمة، وهي: الهيكل العمراني، الاقتصادي، الإنساني، والطبيعي المرتبط بالبيئة السائدة، وللأمانة فهيئة الشرقية بدأت بالفعل في طرق تلك المسارات الأربعة وفق رؤية شمولية تعتمد الدراسات العلمية أساسًا لها، من أجل الوصول إلى هدف التنمية المستدامة. الأكيد أن التعامل مع المدن والأحياء القائمة لا يخلو من التحديات الكبرى، غير أن البدء في ممارسة الهيئة مهامها سيعيد رسم خطوط التنمية وفق رؤية إستراتيجية شاملة، خاصة مع توفر الدراسات الميدانية، والكفاءات البشرية، والدعم الكبير الذي تحظى به من القيادة، ومن سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على وجه الخصوص، الذي يولي هيئات التطوير اهتمامًا يفضي إلى تسريع التنمية وضبط وتحسين مخرجاتها؛ ومن الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز، أمير المنطقة الشرقية، رئيس مجلس إدارة هيئة تطوير المنطقة الشرقية، والأمير أحمد بن فهد بن سلمان، نائب أمير المنطقة الشرقية، نائب رئيس مجلس الهيئة؛ المتابعين لأدق تفاصيل العمل وبما يحقق التطلعات، وحاجة المنطقة، ويزيد من كفاءة المخرجات ويُسرِّع نتائجها. تهيئة ممكنات النجاح، مع توفر الكفاءات، وتعزيز ثقافة التكامل بين الإدارات الحكومية، وخلق شراكة مع القطاع الخاص ستضمن -بإذن الله- تجاوز التحديات وتحقيق النتائج المرجوة، بإذن الله. طريق الألف ميل يبدأ بخطوة، وأهم هذه الخطوات الرؤية الإستراتيجية الشاملة، والتشريعات الضابطة للتنمية، والمحفزة لتدفق الاستثمارات الخاصة.
تحقيق التنمية الحضرية المستدامة في حاجة إلى ضبط تمدد المدن، ونشأة الأحياء، والمخططات الجديدة، واعتماد الكود العمراني، ومواءمة التصاميم العامة مع الهوية والرؤية المستقبلية، واعتماد مبدأ المخطط العام لجميع التوسعات المستقبلية، وبما يضمن المواءمة بين التنمية عمومًا، ورؤية2030. أحسب أن لدى الهيئة تصورًا للمخطط الشامل للمنطقة، الذي يعتمد المقومات الرئيسة قاعدة تُبنى عليها البرامج والخطط. قد تكون صناعة النفط والبتروكيماويات السمة البارزة للمنطقة، غير أن طبيعتها الساحلية، وجزرها العذراء وصحاريها الجميلة من مقوماتها المهمة، والتي يمكن من خلالها خلق التنوع الاقتصادي المأمول. قطاع السياحة أحد أهم القطاعات المُستهدفة برفع مساهمته في الناتج المحلي، وتعزيز دوره في التنمية، ورفع جودة الحياة، لذا فالمزج بين المقومات الصناعية والسياحية سيعزز المكاسب، وتدفق الاستثمارات، وعودة المنطقة إلى طبيعتها الساحرة بشواطئها الجميلة وجزرها، ومنها جزيرة جريد، التي كانت إلى وقت قريب من أهم الوجهات السياحية في المنطقة.
ومن خطوات الهيئة المتميزة تركيزها على تنمية القدرات البشرية التي تعتبر قاعدة التنمية الاقتصادية المستدامة. مخرجات التعليم من المسارات المهمة التي تحرص الهيئة على تحسينها والرقي بها. المواءمة بين الرؤية المستقبلية ومتطلباتها البشرية من أهم أدوات القضاء على ملف البطالة، وتجهيز الشباب والفتيات للمستقبل، خاصة مع المتغيرات السريعة في سوق العمل. كما أن تعزيز ثقة القطاع الخاص، وتفعيل الشراكات معه سيسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية الحاضنة لمخرجات التعليم، والمحققة للاستدامة التنموية التي باتت تعتمد بشكل كبير على إستثمارات القطاع الخاص.