عبده الأسمري
** في خضم الحياة ينسى الكثير من البشر أن العزة بالنفس ما هي إلا شعور ذاتي شتان ما يتلاشى بمجرد «عواصف» القدر أو «نوائب» الدهر، حينها سيعرف الإنسان حجم «ضعفه» وضعف «حجمه» أمام سلطة ربانية توزع المحن والفتن في ثنايا «اختبار» حقيقي لاجتياز مستويات البلاء بالصبر وتجاوز معدلات العطاء بالشكر..
** تحل موجات المرض النفسي بالإنسان، فإن كان مقيمًا في محيط أسرة مكث في حيرة «الخجل» واعتزل في محراب «الوجل» حتى تداهمه الأوجاع سراً وتنهكه المواجع جهراً فيظل مستسلمًا لسطوة «البلادة» المجتمعية القاضية بوصمه بالمختل فتزيد مساحة الاختلال لديه حتى يصل إلى «حالة حرجة»، وعندما يأتي المحيطون من حرس «الرجعية» ليشملوه برعايتهم يكتشفون أنهم مجرد «مرضى» في طوابير الانتظار ينتظرون دورهم ليلحقوا به.. فإلى متى يظل هذا التبلد «الاجتماعي» المخيف في التعامل مع المرض؟!
** تتسمر بعض النماذج البشرية أمام موجهات «التقنية» فيلبسون رداء «الوهم» ولا يلبثون حتى يبدلوا وجوههم ويغيروا ملامحهم أمعاناً في جلب «سلوك» مفتعل للتواؤم مع «الهيئة» المستوردة.. وهم لا يعلمون أنهم يحاربون «المنطق» ويجابهون «السواء»، وما أن تداهمهم أحاديث النفس الصادقة والعفوية من دواخلهم في «خلوة» النفس أو «وحدة» الروح حتى يشتاطوا «غضباً» فيرتفع عنادهم باتجاه المجهول أو يمعنون «تجاهلاً» فيزداد إمعانهم نحو التغافل فيظلون في هذا الدرب «الغامض» حتى يصلوا ذات يوم إلى مرحلة الشك في ذواتهم ليحتاجوا بعدها سنين حتى يجدوا «اليقين» في تصرفاتهم.
** بين الحرية والتحرر خط رفيع يقتضي التمييز بين رغبة الذات ورهبة السوءات.. في وقت يجب أن يعود فيه الإنسان إلى «مرجعية» التنشئة ومنهجية «النشأة» واللوذ بحكمة تسرد مشاهد «العواقب» بدلائل واضحة وبراهين متجلية.. حينها سيجد الإنسان أن «الخيار» في تغليب «الهوية» على «الهواية».
** تحول بعض أصحاب المصالح تحت ظلال الحيل والأنانية من باحثين عنها إلى ناصحين بشأنها لكل من كان لديه ميول أو اتجاه أو محاكاة للأفعال نفسها بعد أن تبدلت تصرفاتهم من السلوك إلى العادة ومن ثم إلى التطبع..الأمر الذي حوَّلهم إلى «خلايا» نائمة تتربص بالأتقياء والأوفياء.
** الغضب سلطة «الشيطان» الوحيدة التي يضعها كسلاح «خفي» يصنع به الجريمة ويبرهن به المصيبة ويخطط معه للفاجعة.. ولو سألنا كل القابعين خلف القضبان والعائدين من السجون والمحرومين من الاطمئنان لاتحدوا في تجريمهم للغضب الذي وضعهم في دائرة السوء وجعلهم ينسون آدميتهم وإنسانيتهم ليقعوا في حبائل «التهور» ومصائد «التدهور».
** لا أعلم من أسمى المشاهير بهذا الاسم.. وكيف ضحك عليهم بهذا المسمى.. هم باختصار صناع «الحماقة» وصاغة «السفاهة».. تنبهت لهم المنصات الثقافية والتجارية إلى حد ما!! أما المنابع التربوية فلا تزال شائبة بسبب أتربة أفكارهم المؤثرة في النشء من خلال المدارس والأسر،
وسؤالي كيف لأسر أن تحمي أبناءها حتى لا يكونوا مشاريع قادمة لسفه خفي وعته مخفي وهم يتابعون مثل هؤلاء.. حتمًا أنه جناية «الغفلة» التي ستضيف أعدادًا قادمة في معسكرات «الحمقى»!!.
** يعاني الكثير من جيل اليوم من بلادة فكرية بسبب السيادة التقنية على عقولهم مما جعل معلوماتهم مضللة بسبب الإنترنت وثقافتهم مرتكزة على «المصطلحات» ومتابعة أخبار «النجوم» وحصيلتهم المعرفية لا تتجاوز «المعلومات المعلبة»، غابت من محيط اهتمامهم ملكات «التفكير» و»التحليل»، ابتعدوا عن القراءة وتباعدوا عن المعرفة.. رغم وجود الدورات والأمسيات والمنصات المتاحة أمامهم للتعلم إلا أن الأمنيات لا تتجاوز «الألواح الإلكترونية» البائسة، والحصيلة تنحصر في «المعارف المشبوهة»!!
** يجهل العديد من البشر بمقدار النعم الظاهرة فكيف له أن يتشرب معاني النعم الباطنة التي تعد مخزونًا عظيمًا من العطايا الربانية، لذا يجب أن يكون هنالك فهم عميق بتفاصيلها وأبعادها واتجاهاتها في الظاهر والباطن وفي السراء والضراء، ليعلم كل إنسان بمقدار الخير الذي ترسمه هذه النعم، لأن الجحود بها والصدود عنها يسهم في صناعة الجمود الإنساني الذي ينشئ النكران والخذلان.. فهل من معتبر..؟؟!!
** عام أوشك على الانتهاء كان الأشهر في العقود الأخيرة.. شهد فيه العالم البلاء الذي أبان الحجم الحقيقي للبشر والمستوى الواقعي للإنسان.. تعدلت أمور وتبدلت رؤى وتغيرت أفكار.. هل استفاد الآدميون من هذا الدرس أم أن الضربة الأولى توقظ والثانية تستنهض والثالثة تبيد.. وكل شيء عنده بمقدار..