أحمد المغلوث
منذ كنا أطفالاً صغارًا ونحن نسمع عن خطورة السلاح «النووي»، كنا نتحلق حول راديو المجلس الخشبي الكبير في بيتنا وكأن على رؤوسنا الطير. نصيخ السمع لما يقوله المذيع من «إذاعة لندن» وهو يتحدث عن القنابل التي أُلقيت على هيروشيما ونجازاكي وكيف كانت هذه القنابل سلاحًا فتاكًا ومدمرًا حصد عشرات الآلاف من الضحايا ودمَّر البنية التحتية في كلتا المدينتين اليابانيتين المنكوبيتين. كنا نستمع إلى ما يقوله ذلك المذيع وقلوبنا تخفق بشدة رغم مرور سنوات على ما حدث. لكن أسلوب المذيع في الإلقاء كان مثيرًا ومحفزًا على الخوف والرهبة بصورة لا تُنسى. خاصة عندما كان يشير إلى أن القنبلة النووية الصغيرة لديها قدرة هائلة على التدمير وإلحاق الأضرار بمساحات واسعة، بل إن بقاياها وتبعاتها تستمر لفترة طويلة، وهذا ما حدث لضحايا القنبلتين. بل إن تأثيرهما ما زال حتى اليوم يعاني منه أحفاد من نجوا منهما، مع آثار نفسية وجسدية وتشويه. فإذا علمنا أن القنابل التي ألقيت قتلت ما يصل إلى 140.000 شخص في هيروشيما، وأقل عدد في ناغازاكي بحلول نهاية سنة 1945، حيث مات ما يقرب من نصف هذا الرقم في اليوم نفسه الذي تمت فيه التفجيرات. ومن بين هؤلاء، مات 15-20 % متأثرين بالجروح أو بسبب آثار الحروق، والصدمات، والحروق الإشعاعية، يضاعفها الأمراض، وسوء التغذية والتسمم الإشعاعي. وهذا ما هو موجد في السجلات الطبية التاريخية في اليبان بل وحتى لدي المنظمات الإنسانية.
أكتب هذه الزاوية وأنا أتابع حادثة اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده، والذي يهدف كما أشار إلى ذلك محرر الشؤون الدولية في صحيفة «الغارديان» البريطانيه «جوليان بورغر» إلى تقويض البرنامج النووي الإيراني، حيث يقول: (قد لا يكون لاغتيال هذا العالم تأثير كبير على البرنامج الإيراني والذي ساعد في بنائه، لكنه بالتأكيد سيجعل من الصعب إنقاذ الاتفاق الذي يهدف إلى تقييد البرنامج..)آهـ. يحدث هذا والعالم بشكل عام ومنطقة الشرق الأوسط بشكل خاص يضعون أيديهم على قلوبهم وهم يتابعون اهتمام النظام الإيراني بالسعي الحثيث لإنجاز مشروعهم التدميري المخيف في حال نجاحهم في تخصيب المزيد من اليورانيوم، وكما هو معروف فالوكالة الدولية للطاقة الذرية قالت إن إيران تمتلك الآن أكثر من 12 ضعفًا من كمية اليورانيوم المخصب المسموح بها بموجب الاتفاق النووي المبرم عام 2015 مع القوى العالمية. وكانت الوكالة قد ذكرت أن مخزون إيران من اليورانيوم، منخفض التخصيب، وصل إلى 2442.9 كيلوغرام. ويصر نظام الملالي على أن برنامجه النووي مخصص للأغراض السلمية فقط. كل هذا وذاك يدفع العالم للقلق مع تزايد تصنيعها للصواريخ البلاستية والتي تهربها ليمن الحوثيين بطرق مختلفة متحدية كل القوانين والأنظمة الدولية وضاربة بعرض الحائط بمختلف الاتفاقيات والتعهدات وهي تسارع الخطى في السير نحو امتلاك «النووي». من هنا فالعالم والخليج بصورة خاصة يعيش القلق كل القلق. بل نسبة كبيرة من مواطني الخليج ضد امتلاك إيران للنووي خاصة مع وجود أذرع لها في اليمن ولبنان وسوريا والعراق، إضافة إلى عدم الثقة في نظام هدفه زرع الخوف والوجل بين جيرانه دون كلل.. منذ عقود..