م. خالد إبراهيم الحجي
إن هذا العام يعتبر عاماً استثنائياً، حيث شكّلت جائحة كورونا المستجد صدمة، ونازلة طالت سكان العالم أجمع خلال فترة وجيزة، وفرضت على جميع سكان العالم تطبيق الاحترازات الصحية الشديدة؛ بما في ذلك الحجر المنزلي، والتباعد الاجتماعي، ولبس الكمامات، وغسل اليدين المستمر، ومنع التجمعات والسفر؛ لمكافحة فيروس «كوفيد- 19» القاتل، وحماية الناس من انتقال العدوى بينهم.. وفي هذا العام نفسه انعقدت قمة دول مجموعة العشرين في يوم 21 نوفمبر 2020 بالرياض، برئاسة المملكة العربية السعودية، بواسطة تكنولوجيا النقل المرئي عن بعد بشكل افتراضي.. وبهذه المناسبة التاريخية نهنئ أنفسنا، ونهنئ ونشكر خادم الحرمين الشريفين، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان - حفظهما الله- على النجاح المبهر الذي حققته القمة في هذا العام الاستثنائي، والاستبشار باكتشافات اللقاح ضد فيروس كورونا بدرجة استشفاء وصلت إلى 95 % .. وفي كل الحالات فإن الشفاء من الأوبئة والأمراض بيد الله تعالى، والإيمان بالقدر خيره وشره ركن من أركان الإيمان، ولا اعتراض على قدر الله. ولا يمنعنا إيماننا بالله تعالى أن نتمنى لو كانت قمة العشرين في العاصمة الرياض، بشكل حقيقي واقعي، وليس عن بعد بشكل افتراضي.. والافتراضات هي مواقف أو عبارات أو أسئلة محتملة حول أشياء خيالية، بدلاً من أشياء حقيقية، وتتعامل الافتراضات مع مفهوم «ماذا لو؟.. مثل ماذا لو افترضنا انعقاد قمة مجموعة العشرين في الرياض لمدة يومين، كما هو متبع في القمم السابقة، حينئذٍ فإن وجود قادة القمة بصفاتهم الشخصية في الرياض سيتيح الفرصة للمملكة، بصفتها الدولة المضيفة، من اطلاعهم عن كثب على مستويات التقدّم والتطور والازدهار الذي وصلت إليه في ظل القيادة السعودية الرشيدة، كما أن وجود قادة دول القمة على أرض الواقع في الرياض، سيجعل من الممكن اقتطاع جزء من وقتهم الثمين، بعد الانتهاء من أعمال القمة، لزيارة الأماكن السياحية التالية:
(1): الرياض: عاصمة المملكة العربية السعودية، التي تتميز بمزيج جميل من الأنماط المعمارية المختلفة، ويزيِّن خط الأفق لهذه المدينة العصرية ناطحات السحاب الشاهقة، ويقع في قلبها قصر المصمك الذي يعود تاريخه إلى 155 سنة، وكلمة المصمك تعني البناء المرتفع والقوي والسميك، وهو حصن كبير شُيِّد في سنة 1865م من الطين والطوب اللبن، وشهد ميلاد المملكة بعد أن استولى الملك عبد العزيز على الحصن في تاريخ 1902م، وسيطر على الرياض»موطن أجداده» بعد نفيه في الكويت، ومن هذا الحصن غزا عبد العزيز آل سعود، ووحَّد الممالك، والأقاليم المختلفة التي تتكون منها الأمة السعودية التي نعرفها اليوم.
(2): الدرعية: التراث والثقافة المحلية هي التي غالباً ما يأتي السياح لزيارتها.. تقع الدرعية على أطراف العاصمة الرياض وضفاف وادي حنيفة، مهد الدولة السعودية القديمة، ومن أبرز معالمها حي الطريف الذي يحوي منطقة حكم الدولة السعودية الأولى، عندما أعلنتها عام 1745م عاصمة للبلاد، ووضعت حجر الأساس لبزوغ فجر المملكة العربية السعودية، وتعد الدرعية أحد أهم معالم المملكة التراثية التي اعترفت بها اليونسكو عام 2010م، ولا تزال حاضناً لأهم المشاريع التنموية السياحية لإحياء إرثها، وبعث رونقها التاريخي للحياة..
(3): روضة خريم: الشؤون المناخية والانبعاثات الكربونية أحد أهم المواضيع التي يبحث قادة دول مجموعة العشرين تطورها وتقدمها في كل قمة.. روضة خريم، حيث هواء الصحراء الصحي النقي، هي المكان الذي يستحق الزيارة؛ ليأخذ القادة فرصة وجيزة للتأمل في جمال طبيعتها الرملية الساحرة المختلطة بنباتات الصحراء، وتقع الروضة على بعد 100 كيلومتر من الرياض وتمتد بطول 30 كيلومترًا، ويبلغ عرضها 2 كيلومتر. وتكمن ميزة هذه الروضة في أنها منطقة سياحية خضراء ذات ممرات مائية، ويصب فيها عدد من مجاري السيول، وأهمها شعيب الطوقي، وتخزن فيها السيول في بحيرات كبيرة، وتضم مجموعة كبيرة من الأحياء الطبيعية التي يندر مشاهدتها، مثل: طيور الحُبارى والنعام، وغزال الريم والغزال نحيل القرون. وقد ارتبطت روضة خريم بأذهان السعوديين كمقر للاستجمام، يقصده خادم الحرمين الشريفين كل عام، كما تشهد العديد من اللقاءات المهمة للرؤساء والزعماء على مستوى العالم..
(4): العلا: التجربة السياحية في المملكة تعد ناقصة ما لم يتم زيارة مدينة العلا.. كانت العلا تعريف قديماً «بدار الحجر» وتضم العديد من الآثار القديمة، أبرزها مدائن صالح، أول موقع سعودي، تمت إضافته إلى قائمة اليونسكو للتراث العالمي، وقد ورد ذكرها في قصة النبي صالح مع قومه في القرآن الكريم. ويقصدها كثير من السياح من داخل وخارج المملكة للتعرّف على آثارها العجيبة والتمتع بمشاهدتها، فضلاً عن طبيعتها الجبلية الرائعة، ومناخها المميز في فصل الشتاء، ويُقام في مدينة العلا العديد من المهرجانات والاحتفالات، والأمسيات الهادئة الجميلة، أهمها مهرجان شتاء طنطورة، وقد اهتمت المملكة بمدينة العلا لجعلها واحدة من أكبر وأفضل المزارات السياحية في الشرق الأوسط.
الخلاصة:
إن التراث يصنع الإحساس بالمكان، ويقوي الانتماء إليه.. وإعادة الاستخدام للمواقع التراثية والسياحية عاملاً مهماً في إنشاء مجتمعات مستدامة..