د.عبدالعزيز الجار الله
تتخطى الوفيات في أوروبا من كورونا (كوفيد - 19) الرقم (400) ألف شخص في القارة الأوروبية. وهذا رقم مخيف خلال سنة واحدة (عام 2020م). لم تتعرض أوروبا لحالات الموت والوفيات بسبب الحروب والأمراض منذ نهاية الحرب العالمية الثانية 1945م. كما أن أمريكا قاربت الوفيات فيها لنحو (300) ألف وفاة بسبب كورونا خلال هذا العام. وهي أرقام كبيرة جدًّا لدول كانت تتأثر بموت أحد رعاياها خارج بلادها، وقد تعرض الدول للعقوبات والحصار الاقتصادي والعزل ودفع الغرامات المالية الكبيرة مقابل هذه المواقف. لا أحد يقلل من قيمة أي شخص، ومن أي دولة، لكن كان هناك صورة لقيمة الإنسان في الغرب، يرسمها بشكل مضخم، اختفت في أزمة كورونا.
وفيات كورونا في الغرب لا يتحملها كورونا وحده، بل يشاركه النظام الصحي، والرعاية الصحية، والتأمين الطبي، ونظام رعاية المسنين الصحي، ودور الرعاية، ونظام الرعاية الاجتماعية للفقراء. ويضاف لها عدم تطبيق الاحترازات الشاملة مراعاة للجوانب الاقتصادية؛ لذا حصد كورونا في وقت سريع من أوروبا وأمريكا نحو (700) ألف شخص خلال هذا العام، وربما هناك أرقام لم تذكرها الإحصاءات، أو أشخاص صُنفت وفاتهم بأسباب أخرى.
وهذا درس يتعلمه العالم، ويتعلمه الغرب أكثر من غيره، ويجعله يلتفت للنظام الصحي والاجتماعي، وبخاصة النظام الاجتماعي، ودور الرعاية التي تعرّض ساكنوها أكثر من غيرهم للوفيات نتيجة الإهمال وعدم الاهتمام بكبار السن، وكذلك الشرائح المهملة في الشوارع وداخل المنازل تُركوا يواجهون الموت والمرض والإصابات دون مساعدة.
الدول التي حرصت على التمسك بالاحترازات الشاملة، وتنفيذها، استطاعت -بإذن الله- حماية مجتمعها والمقيمين على أرضها، وتحمّلت الحكومات معظم الأعباء والخسائر الاقتصادية، كما فعلت المملكة؛ فقد تحملت دولتنا معظم أعباء كورونا. وأسهمت المملكة بمبلغ (21) مليار دولار في مجموعة العشرين للتصدي لجائحة كورونا، وتجاوز أزمتها حول العالم، إضافة إلى الإجراءات التي اتخذتها المملكة بإغلاق الحدود والمنافذ وتعطيل المدارس والجامعات والقطاعات الحكومية والمساجد وحظر التجول بين المناطق وداخل المدن.