خالد بن عبدالكريم الجاسر
لم يقنعنا أي تعريف للإرهاب بمكنون نفسه، ولا ماهية فكره الإرهابي المريض. وأي نوع من السادية والبله والعته هذا الذي يدفع إلى تدمير الأرض والفساد فيها بقتل الأبرياء عبر أعمال الخسة والنذالة بالضرب من الظهر لا المواجهة، وبالتفجيرات المفخخة والطائرات المسيرة الممولة من دول في الأساس لا تجد لشعوبها الأمن والسلم، بل تعمل على هلاكهم وإذلالهم، برؤية الخوف في عيون المارة منهم، ورؤية ناقوس الخطر الذي يدق على طرق غير متوقعة، وإجرام ممنهج للتدمير وإثارة الخراب والقتل والإبادة الجماعية بطريقة بشعة تقشعر لها الأبدان طالت العالم في كل مكان، حاملاً معه كل القبح والبعد عن الفطرة السليمة وكراهية الحياة وعدوانية للحضارة ورغبة مدمرة في القضاء على كل المعاني السامية الجميلة، لأسباب ذات مواقف سياسية وأجندات تخص فئات بعينها تعمل على تعبئة مرتزقة ومأجورين حمقى، لتحقيق أهداف وغايات لا علاقة لها بالدين، ولا بأي قيم ومعتقدات سليمة، لأنه عمل خارج عن الطبيعة والإنسانية والفطرة السليمة.
وهنا يبرز دور المعالجات الدولية القانونية للإرهاب من خلال جهود الأمم المتحدة والاتفاقيات والصكوك والإعلانات الدولية، التي خرجت عبر قمة العشرين التي شرفها خادم الحرمين الشريفين بكلمته: «لَقدْ عانينا في المملكة من الإرهاب، وحرصنا -ومازلنا- على محاربته بكل صرامةٍ وحزمٍ، والتصدي لمنطلقاته الفكرية خاصةً تلكَ التي تتخذ من تعاليم الإسلام مبرراً لها، والإسلام منها بريء، ولا يخفى على كل منصفٍ أنَّ الوسطيةَ والسماحةَ هي منهج الإسلام، ونتعاون بكل قوةٍ معَ المجتمع الدولي لمواجهة ظاهرة الإرهاب أمنياً وفكرياً وقانونياً، واقترحت المملكة إنشاءَ المركز الدولي لمكافحة الإرهاب تحتَ مظلة الأمم المتحدة وتبرعت له بمئةٍ وعشرة ملايين دولار، وندعو الدولَ الأخرى للإسهام فيه ودعمه لجعله مركزاً دولياً لتبادل المعلومات وأبحاث الإرهاب». وهو ما يؤكد أن السعودية سباقة في أخذ المبادرات التي تهدف إلى محاربة الفكر المتطرف والإرهاب، وتعزيز التسامح والتعايش بين الشعوب، والحوار بين أتباع الأديان، استشعارًا منها بمسؤوليتها تجاه العالم الإسلامي والمسلمين في العالم أجمع، وأن المملكة كما صرح ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مملكة التسامح الإنساني: «خلال سنة واحدة، استطعنا أن نقضي على مشروع أيديولوجي صنع على مدى 40 سنة. اليوم لم يعد التطرف مقبولاً في المملكة، ولم يعد يظهر على السطح، بل أصبح منبوذاً ومتخفياً ومنزوياً. ومع ذلك سنستمر في مواجهة أي مظاهر وأفكار متطرفة».
فلا جيوش المرتزقة وإرهابها ولا ميليشياتها الحوثية بكل عتادهم، ومسيراتهم، لهم أثر في نفوسنا، فهم لا شيء، كما كانت مسيرتهم الأخيرة على محطة توزيع المنتجات البترولية شمال محافظة جدة ويضم 10 % من طاقة المنشأة، ومنها ما حدث مؤخراً في جازان بالقرب من منصة التفريغ العائمة التابعة لمحطة توزيع المنتجات البترولية وما سبقه من اعتداء إرهابي على المنشآت النفطية في بقيق وخريص، إنما تستهدف أمن واستقرار امدادات الطاقة للعالم، وكذلك الاقتصاد العالمي، الذي تأثر بذلك.
إن استمرار هذه الأعمال الإجرامية الآثمة على أمن واستقرار المملكة العربية السعودية والمنطقة تستوجب تحرك المجتمع الدولي، لا سيما مجلس الأمن لردع الهمجية الإيرانية والأخونة التركية القطرية، ومن يخطط ويقف معهم، صيانة للأمن والسلم الدوليين.