مها محمد الشريف
إن تحول الفعل العشوائي إلى الفعل المصلحي هو تخبط صريح، وعلى هذا تتضاءل القيم الإيجابية أمام القيم المذمومة بين مختلف المجتمعات، وبناء على هذه القيمة قال أردوغان في خطاب مسجّل لمؤتمر حزبه الحاكم «نتوقع من الاتحاد الأوروبي الإيفاء بوعوده وعدم التمييز ضدنا أو على الأقل عدم التحول إلى أداة للعداوات المفتوحة التي تستهدف بلدنا».
فهل حان الوقت لتغيير الأوراق بالتودد للاتحاد الأوروبي ولمصر والسعودية؟، أم رحلة التاريخ ستغير محطاتها ليقف أردوغان فيها بكثير من الارتياب وعدم الثقة بعد انتخاب رئيس أمريكا القادم جو بايدن، وفي الخطاب نفسه، قال إن تركيا ترغب «بالاستفادة من علاقاتها التاريخية والمتينة مع الولايات المتحدة للتوصل إلى حل للمشاكل الإقليمية والعالمية».
بهذه الشخصية الذرائعية يتعاون مع الأعداء الذين انهمك في صناعتهم ليبدو في قلب الأحداث وليس منبوذا، حيث بدأ مناورة جديدة يختبئ خلفها إلى حين مرور العاصفة فأصبح يتبنى التدخل الأخلاقي أي الغزو العسكري باسم حماية المدنيين أو حماية الإنسانية من الأسلحة الفتاكة وإيجاد حلول لتلك الحماقات التي أوصلته لعدة دول في المنطقة والتدخل في شأنها الداخلي، وهذه بلا شك استدارة أردوغان المعتادة.
وحين رأى مصلحته العامة بتعويض تلك الخسائر الاقتصادية في الداخل التركي، كانت النتيجة هذا التراكم السريع الذي جعل السلطات التركية ترفض منح الجنسية لعدد من قيادات الجماعة يقيمون بأراضيها، وقيادات أخرى تقيم خارج أراضيها، كانوا قد تقدموا بطلبات للحصول على الجنسية، بعدما كشفت تقارير تورطهم في التعاون مع دول خارجية بينها إيران ودول أخرى، وتدريب العناصر التابعة للجماعة داخل جورجيا على اختراق الأمن السيبراني، وجمع المعلومات عبر وسائل التواصل، واختراق حسابات وصفحات تواصلية، ما قد يشكل خطرا على الأمن القومي التركي مستقبلا في حالة حصول هؤلاء على الجنسية.
لذا، كانت صدمة جديدة تلقتها جماعة الإخوان، ومن أقرب حلفائها، وهو النظام التركي، حيث رفضت السلطات التركية منح الجنسية لنحو 50 من أفراد الجماعة بينهم قيادات كبيرة وعناصر من الصف الأول. ووفق معلومات مؤكدة حصلت عليها «العربية»، وبعد اجتماعات ومشاورات بين عدد من قيادات جماعة الإخوان ومسؤولين كبار بوزارة الداخلية التركية، للاتفاق على ملف الإقامات الدائمة، ومنح الجنسية لعدد من عناصر وقيادات الجماعة، المقيمين في تركيا.
حتى بدأت تتساقط أسئلة الاتهامات من كل صوب ومحاولات إبداء حسن النية، ولكن هذه الجماعة لا تريد أن تتعلم أنهم مجرد أدوات بيد هؤلاء المجرمين، فالإشارات ما انفكت تكشف عن نفسها فأردوغان دائما يستدير والإخوان يتفقون معه رغم سياساته المتناقضة لأنه يمثل لهم نقطة ارتكاز ويجدون لكل تصرفاته تبريرات وأعذارا، و تظل العلاقة بين الرئيس التركي والتنظيم الإرهابي علاقة وطيدة فكلاهما يشترك مع الآخر في فكرة إحياء الخلافة العثمانية المزعومة.