د.عبدالعزيز العمر
ما الذي فقدناه تعليميًّا بغياب التعليم الحضوري خلال الشهور الماضية؟ هذا سؤال يتردد هذه الأيام بين المفكرين التربويين وخبراء التربية عمومًا. هذا السؤال يقر في جوهره بأننا فعلاً فقدنا بغياب التعليم الحضوري بعض المكتسبات التعليمية. والمطلوب فقط هو أن نقرر ما الذي فقدناه تعليميًّا بسبب تحولنا اضطرارًا إلى التعلم عن بُعد.
لا جدال أن تحوُّل تعليمنا الإجباري إلى مسار التعليم عن بعد قد يكون تسبب في حدوث بعض الفقد التعليمي. وأنا هنا أتحدث تحديدًا عن التعليم عن بعد في المراحل المبكرة من التعليم؛ إذ يكون الفقد أوضح. إن من أهم أهداف التربية هو تنميط الطلاب اجتماعيًّا (Socializing)، أي إكسابهم مهارات اجتماعية من خلال تحويلهم إلى أفراد قادرين على العيش بأفضل كفاءة ممكنة في مجتمعهم، يتأثرون به سلوكًا وقيمًا، ويؤثرون فيه بما يمتلكونه من مهارات ومعرفة علمية. وهذا هو الغائب الأكبر في التعلم عن بعد.
عندما تكون معلمًا للعلوم مثلا فالتعلم عن بعد سيحرم طلابك من تنمية مهارات التواصل مع الآخرين، والتفاعل معهم.. وسوف يحرمهم أيضًا من القيام برحلة حقلية، يجمع الطلاب فيها بعض العينات، أو يحرمهم من الذهاب إلى المختبر لإجراء تجارب علمية، بل إن مجيء التعلم عن بعد قد حرم طلاب كليات التربية من فرصة التدريب على مهارات التدريس في السياق التربوي الطبيعي داخل الفصل.. وحتى البحوث التربوية التي كانت تتقصي واقع ومشكلات المدارس والمعلمين توقفت هي الأخرى بسبب غياب التعليم الحضوري.