د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
خلَدَتْ الدرعية في تاريخنا السعودي الأشم أُمَّا برَّة؛ أنجبَتْ؛ وحضنتْ وربَّتْ؛ وتألق في سوحها حكّام عدلٍ؛ وعلماء فضل؛ وأبناء أوفياء بذلوا في سبيلها المُهج؛ وتجشموا لهول الخطوب؛ وتباروا في البرّ؛ والتضحية والفداء؛ وامتدت ْ في وجودها حقول تفيضُ بكل مقومات البقاء، وتنامتْ عطاءاتُها إلى مشروع سياحي وتراثي ضخم (بوابة الدرعية) فتلألأت سماؤها ورياضُها وفياضها،حتى أصبحتْ من أهم الشواهد الحضارية لبلادنا المملكة العربية السعودية؛ ففي كل حديث عن الدرعية تبدو لذة المنجز الحضاري الجديد وعبق الماضي الأصيل؛ حيث الألق الأزلي على خريطة العالم بأسره حين تجاوز حضور الدرعية المحيط المحلي والإقليمي؛ فتربعتْ آثارُها على منصة التراث العالمي؛ ولمّا أن كانتْ الدرعية مرجعية مكانية يحيطها الفخر من وجوه عديدة، وانعتقتْ فيها ممكنات الامتداد الذي استُلهِمَ من روح المكان في سابق عهده؛ فقد توالتْ المؤثراتُ في استمطار خلفية الصور المضيئة حتى أصبح مرتبع الدرعية مكمنًا لفضاءاتٍ وطنية تفيض بحكايا البطولات، ومن ثم توشحتْ الدرعية بالسياحة المتفوقة.. فالحديثُ عن الدرعية هو حديث عن الذات الوطنية العميقة، فقد لبستْ (الدرعية) حللاً من اهتمام قيادتنا الرشيدة فكان النسيج العمراني للدرعية يغذي الذاكرة عن الإرث والتراث العمراني المتنوع والفنون والآداب،، وإذا ما أضيف إلى ذلك ما تدلُّ عليه الآثار التاريخية في مختلف الثقافات من عوالق تكشف جوهر المكان، وقيمة الأحداث فيه، ومشروع (بوابة الدرعية) إعادة لتوظيف موجوداتها كمستراد سياحي حضاري بما يحقق مقومات التنمية الثقافية والاجتماعية، ولأن الدرعية رمز لاستمرار الثراء الوطني الذي يبثُّ رسالته الحضارية صوراً متجلية من تفاصيل المكان الواردة بقرائن شتى، فما زالت الدرعية تشرق في الأفق بالجديد الفريد، وإذا ما دلفنا إلى نطاق مشروع بوابة الدرعية؛ رأينا المشروع ومن خلفه مرتبعات سياحية تغرق فيها شموس التراث والثقافة لتعود بضوء سياحي جديد محفز، ويتهادى صوت النخيل من حقول الدرعية، وقرع طبول العرضة النجدية، ويتواشج صوت الشعر في الذاكرة حينما أحاط بالمكان وأهله:
«أما ها هنا قد كان عز ودولة
ومجد يُسامي هامة النجم فارعُ
هم القوم أن يُدعى الوفاء فإنهم
ذووه وإن يُدعى الوغى فطلائعُ»
كل ذلك في تقابل آسرٌ بين الحالين في الماضي والحاضر وبما يمثل منجزًا حضاريًا جديدًا مخضلاً بخصوبة النهضة الفوارة التي تشهدها بلادنا عامة والدرعية خاصة وبما يؤصل للأجيال الحاضرة المكانة الوفيرة لحاضرة الدرعية ودروبها التي تفيض ودًا،،