سلمان بن محمد العُمري
أصبحت ظواهر «الهياط» الاجتماعي على المستوى الفردي والجماعي بارزة للعيان لايكاد يخلو منها زمان أو مكان، فتجد طفلاً في الروضة وقبل أن يحفظ فاتحة الكتاب والمعوذات ويجيد فك الحروف ومعرفة الأعداد قد حفظ مجموعة من «الشيلات» التي رضعها منذ صغره وسمعها قبل أن يسمع غيرها، وكذلك الحال في المدارس والجامعات. ولم يقف الأمر عند حدود الشعارات والملصقات التي توضع على السيارات والرموز والأرقام وشراء اللوحات التي تتفق مع الوسم والرمز، أو على ما يحدث في مواسم المزايين وما يسبقها وما يتخللها ويعقبها من إشكالات ليس بين المراهقين فحسب بل حتى من رجال كبار، ثم جاءت موجة أخرى في إنشاء قنوات فضائية تغذي «الهياط» وتنميه وتحيي النعرات والتفرقة والمشاكل داخل القبيلة الواحدة والمجتمع بوجه عام، حينما لا يكتفي البعض أن يتغنى بأمجاد أهله وذويه بل يريد أن ينتقص من الآخرين، ويسيء لهم، ويكون لهؤلاء «المهايطين» من يروج «فشخرتهم» وتطاولهم على غيرهم والتباهي بهذا!! وللأسف أن التباهي لم يكن قاصراً على الرجال بل وصل للنساء، واستغل من يتكسبون من هذا «المرض»، وأصبحنا نرى أواني منزلية واكسسوارات تتزين بها البيوت وقد حملت من الشعارات والرموز بل وحتى الملابس، والجميع ركب هذه الموجة الصغار والكبار، والنساء والرجال.
آخر المستغلين لهذا الأمر ما قام به البعض في محلات للمأكولات والمشروبات لإذكاء التباهي والتفاخر وتمجيد «الهياط» بوضع المشروبات بأسماء القبائل وبخلطات واحدة، اللهم أنه كتب على الأكواب أسماء القبائل ليضحك على ضعاف العقول الذين أخذتهم الحمية بألا يكون مشروب قبيلتهم هو الأقل مبيعاً في السوق، وهذه ليست الشرارة الأولى في إحياء العصبية ولكنها شرر يضاف لما قبله، وسيأتي من بعده مالم يتم وضع ضوابط لبعض المخالفات لكل من تسول له نفسه إحياء الضغائن وإشاعة كل ما من شأنه الإضرار بوحدة المجتمع وإظهار الفرقة وتعزيزها بظواهر وأعمال سلبية.