د. صالح عبدالله الحمد
جبل طمية من الجبال التاريخية في منطقة القصيم، يبعد عن الخط الواصل بين منطقة القصيم ومنطقة المدينة المنورة من اليمين نحو 5 كم، شمال غرب القصيم، وله مستقبل سياحي واعد على مستوى المملكة والعالم، لوجوده في مكان بارز، ولاختلافه عن الجبال الأخرى التي تنتهي بقمة، إذ إنه في نهايته يتسع كثيراً على شكل مستطيل، كما أن كثرة وتنوع الأحجار به لافتة للانتباه، وتستدعي من ذوي الاختصاص الزيارة والدراسة، والجبل في الحقيقة يحتاج لبعض الجهود من الجهات المختصة، أولاً من وزارة النقل سفلتة الطريق الواصل من الخط العام إلى الجبل ووضع اللوحات الإرشادية الدالة عليه، ومن ثم تحديد المسار للصعود والنزول للزائرين بأي طريقة تراها الجهات المختصة، وتنظيف بداية الطريق للصعود في حدود 100 متر على الأقل، وحتى تكون البداية مشجعة، ويتسنى للزائر لأول مرة أو عدة مرات الصعود والنزول بأمان، ودون ضياع، صحيح أن هذا العمل يحتاج إلى جهد، ومعدات، وأشخاص، بل وقت طويل، لكن من سار على الدرب وصل، ولن يكون صعباً على أصحاب الهمم العالية، ويكون هذا العمل بإشراف الجهات المختصة، أو تسليمه للمستثمرين، ويكون هناك شروط واضحة لعدم الاستغلال، أملي بالله ثم بأمير منطقة القصيم صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز، الذي له بصمات واضحة وملموسة في تطوير المنطقة وتقدمها في كافة المجالات..
نعود للحديث عن الجبل فهو مخروطي الشكل، وقمته مستطيلة تقريباً، كما ذكرت يبعد عن مدينة بريدة نحو200 كم، وعن محافظة الزلفي290 كم تماماً، يبلغ ارتفاعه عن سطح البحر 1311 متراً، وسمي هذا الجبل باسم طميَّة نسبة إلى طميَّة بنت جام بن جُمَىّ من بن عمليق، ولها قصة عشق طويلة جداً مع هذا الجبل لا يسع المجال لذكرها.
الجبل يعد في وجهة نظري على الأقل من الجبال المميزة، والشاهقة، على مستوى المملكة والعالم العربي، حيث الموقع، والارتفاع، والشكل، وتنوع الأحجار والأشكال فيه..
هذه معلومات متواضعة جداً عن الجبل حيث المجال لا يسمح بأكثر من ذلك، أما هايكنج القصيم وأعضاؤه الكرام، فلهم في المنطقة، وخارجها، نشاط ملموس، وبرامج جيدة، ومتنوعة، في عدة مجالات مختلفة، من صعود لمختلف الجبال أو السير في الفضاء الواسع، تشرفت بمعرفتهم، وشاركتهم في بعض الأنشطة، أعضاء هذا الفريق نخبة ممتازة من الإخوة المتقاعدين، وغيرهم يتميزون بالأخلاق الرفيعة والتواضع الجم، ولديهم الخبرة على التحفيز والتشجيع، يشعرونك بأنهم يعرفونك منذ سنوات طويلة، كان الإعلان الهاتفي عن صعود الجبل وتحديده هو يوم السبت الموافق 21 - 3 - 1442هـ وكنت متردداً من الموافقة لوجودي في سفرة عاجلة، لمدن من بلادنا الغالية، وما إن رجعت بحمدالله استهوتني الفكرة كثيراً وفكرت وقررت بحمدالله وإن كنت لم أصل من السفر إلا متأخراً، كان تجمع الإخوة الكرام حسب البرنامج عصر الجمعة والمبيت هناك لكن ظروفي لا تسمح كما ذكرت بسبب تأخري بالوصول من السفر، فقررت الذهاب والانضمام إليهم في الصباح الباكر ليوم السبت، غادرت الزلفي بحمد الله باكراً ووصلت قبل موعد الصعود وهو الساعة السابعة بربع ساعة ووجدت الإخوة الكرام على أتم الاستعداد واستقبلوني بكرمهم وأخلاقهم وتواضعهم ثم بدأنا مسيرة الصعود في الوقت المحدد تماماً، وصعدنا حتى وصلنا بحمد الله وشكره إلى أعلى قمة الجبل، واستغرق الصعود ساعتين أو تزيد، وكنت آخر الواصلين حيث كان الإخوة الأفاضل يشجعون ويساعدون حتى النهاية، وبعد استراحة قصيرة وأخذ بعض الصور التذكارية، تجول الجميع في أعلى الجبل، ومشينا مسافة ما يقرب من الكيلو أو يزيد، وتخلل ذلك طعام الإفطار الذي أُعِدَّ بتنظيم ممتاز، ودقة متناهية، تنم عن خبرة طويلة في مثل هذه المسافات والبرامج، وقام الإخوة الكرام بتنظيف المكان جيداً داخل كيس حملوه معهم، وحبذا لو يحذو جميع المتنزهين وهواة الرحلات حذوهم للمحافظة على البيئة وترك المكان أحسن مما كان، وبعد الإفطار استمررنا بالمشي واطلعنا على مناظر عجيبة وغريبة جداً، تدل على عظمة الله، سبحانه وتعالى على صنع هذا الكون، قال تعالى: {وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ} الغاشية (19)، وقال أيضا: {وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا} النازعات (32)..
وبعد انتهائنا من التجوال في أعلى الجبل، الذي كان جوه بحمد الله لطيفاً، وصافياً، تخلله الهواء النظيف، منخفض الأكسجين بالطبع، لارتفاع الجبل، تم نزولنا من نفس الطريق الذي صعدنا معه، ولقد اجتهد بعض الإخوة الكرام، في سرعة النزول لمحاولة الوصول إلى المكان، للبدء في إعداد طعام الغداء، لكن مشيئة الله سبحانه وتعالى حالت دون ذلك، حيث نزل المطر منهمراً بشدة، ارتوت على إثر ذلك الأرض، ونزل الماء من الجبل ومشت الطرقات، مما اضطر الجميع إلى جمع العفش والمحتويات ومغادرة المكان بسرعة.
وكان بحمد الله ختامه مسك داعين الله سبحانه وتعالى أن نلتقي في مناسبات أخرى إن شاء الله.
في ختام هذه المقالة الركيكة المتواضعة أشكر الجميع على إتاحة هذه الفرصة واستقبالهم وترحيبهم اللطيف وتواضعهم ومساعدتهم وتشجيعهم أثناء الصعود والنزول فللجميع خالص الدعاء لله بتوفيقهم ومنحهم الصحة والعافية، وليعذروني لعدم إعطاء الموضوع حقه كاملاً والله يوفق الجميع.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.