د. حسن بن فهد الهويمل
جيلي يعيش أمية التقنية الدقيقة ويتهجى بين يدي أحفاده، حاولنا التعالم، ولكن الجهل أغلب.
كتبت بالأمس صلة الحديث عن تحولات النقد الأدبي السعودى، ولكن طيش أناملي في الشاشة أطار الحلقة الثانية، هي لم تحذف لأستعيدها واستعنت بمن لقيت، ولم أفلح باستعادتها، وهي عائدة ولا شك، وحتى تعود استبدلت بها موضوعًا بديلاً.
إنسان العصرالحديث في ظل الانفجارات المعرفية، وثورة الاتصال، وتقارب الأسفار أصبح على مفترق الطرق، وبنيات الطريق تضع المتابع في أمر مريج، حتى تبرأ المتخصص من تخصصه، والعالم من علمه، واستنجد كل واحد بثقافته، ليلحق بالركب المخب.
أعرف عشرات المتخصصين من العلماء، والأطباء، والمهندسين، وحتى أصحاب التخصصات النظرية كالأدباء، والبلاغيين، والنحاة ألقوا رسائلهم العلمية وراء ظهورهم، واستقبلوا المستجدات الحديثة بمعياريتها الصارمة، المتخشبة الأمر الذي حدا بالمفكر الفرنسي (تودوروف) إلى تأليف كتيب صغير الحجم كثير الفوائد: [الأدب في خطر] وذلك عندما تحول النقد إلى علمية جافة، ومعيارية صارمة، فالإبداع عنده يتطلب ناقداً هو الآخر مبدع.
[تودوروف] ليس أيديوجياً، ولكنه يريد فضاء واسعاً يخفق به المبدع بجناحي:
الامتاع، والإشباع.
إنسان هذا العصر تحاصره المصطلحات التي تسك كل لحظة، بحيث لا يستطيع حصرها، فضلاً عن استيعابها، وفهمها.
هذا الزخم المصطلحي أربك المشهد الأدبي وخلط الأوراق، وأحرج التلقي.
إنه وضع مأزوم، وبحر لجي ضاع فيه المجداف، والملاح.
المشهد الأدبي في لجة صاخبة، كل يدعي وصلاً بالأدب، والأدب لا يقر لهم بذاكا.
هناك ثراء، وثروة، ولكنه كشَعر (برناردشو):
غزارة في الإنتاج وسوء في التسريح.
أي واقف على مفترق الطرق بأمس الحاجة
إلى عقل حصيف، واستشراف للمستقبل، وتأمل عميق، واستخارة، واستشارة.
الحياة: تجارب، ومواعظ، اظفر بتجارب الآخرين، واتعظ بهم، ولا تكن موعظة لغيرك.
ذلك قدرنا، وهو قدر عصيب. ما بأيدينا، خلقنا في لجة أدبية يحار فيها القطا.