عبود بن علي ال زاحم
يقول الكاتب الأمريكي «جيمبالارد» في كتابه «إدارة الانتباه» : «إن سر الحياة الناجحة هو إدارتك الصحيحة لانتباهك».
ويقول «توم بيترز» في إحدى محاضراته الشهيرة مخاطبًا حشدًا من رجال الأعمال : «إذا لم تكونوا تشعرون بالارتباك والحيرة فأنتم لستم منتبهين»، أي أن الاضطراب الذي يضرب الأسواق يجعل أكثر الناس انتباهًا ووعيًا بما يجري، أكثرهم حيرة واضطرابًا بسبب إدراكهم لأبعاد الفوضى والضغوط التي تعم الأسواق.
وقد أصبحت قدرة المدير ورجل الأعمال على استيعاب وملاحظة وتركيز الانتباه على المعلومات التي يتعرض لها باستمرار هي التي تحدد فرصته في البقاء وقدرته على المنافسة.
من هنا ينبغي على المديرين أنْ يركِّزوا على اكتساب مهارات إدارة مورد الانتباه وطرق استخدامه والإقلاع عن الاهتمام بالموارد المالية والطبيعية والمعلوماتية وحدها.
وتنحصر التحديات التي تواجه رجال الأعمال، في كيفية توجيه الانتباه في مواجهة العدد الهائل من الاتجاهات والاختبارات، وجذب الموظفين والعملاء الذين يجدون أنفسهم في مواجهة كم هائل من المعلومات.
فالانتباه هو تركيز الجهد الذهني على معلومة أو فكرة ما، كما يمكن تعريف الانتباه بأنه المرحلة الوسيطة بين الوعي والفعل، فهو الجسر الذي يصل مرحلة الفهم والاستيعاب بمرحلة اتخاذ القرار والتنفيذ.
وللانتباه أنواع عدة، فهناك الانتباه الاختياري الذي ينبع من الفضول والرغبة، والانتباه الجبري الذي ينتج من محاولة تجنب الألم مثل الانتباه للخطر، كما يوجد الانتباه الجميل مثل نشوة الانتصار وحب الآخرين، ويقابله الانتباه الأليم الذي ينبع من الرغبة في الهرب من الآلام والمشاعر الأليمة مثل تجنب الكوارث أو الهزيمة. كما يوجد الانتباه الواعي والانتباه اللاواعي، والانتباه الاختياري ويقابله الإجباري. وتتأثر إدارة عنصر الانتباه كمورد اقتصادي أساسي بعدة عوامل كالتكنولوجيا التي أحدثت زيادة ملحوظة في سعة ونقل واستيعاب أجهزة الإعلام والوسائط المتعددة، وهو الأمر الذي سيتيح للأفراد الحصول على كميات هائلة من المعلومات بشكل فوري، ممَّا يجعل مراقبة الانتباه والتحكم فيه أحد الأنشطة الضرورية لكل الناس، ومن العوامل المؤثرة أيضاً الموارد البشرية، حيث يتولد ما يطلق عليه ذكاء الانتباه كإحدى المهارات الضرورية للحصول على وظيفة، وستساعد الشركات الموظفين على تعلم طريقة إدارة الانتباه بصورة أفضل والانتفاع منه بأكبر قدر ممكن، كذلك ستظهر العديد من الطرق والمناهج التي تبين كيف يمكن إدارة الانتباه داخل الشركات. وأيضاً قيمة العميل، إذ تقوم الشركات بمنح عملائها السلع والخدمات لأغراض التسويق والتأثير في العميل وجذب انتباهه أكثر ممَّا سيحدث بغرض البيع فقط، ومنها أيضاً الأعمال، حيث إنه، ومع ازدياد كمية المعلومات، ستنشأ صناعة تدور حول تمكين الأفراد من إدارة الانتباه بشكل أفضل، وذلك من خلال إكساب العملاء مهارات الانتقاء. وكذلك التعليم، إذ سيصبح المعلمون أكثر انتباهًا لتعليم التلاميذ طرق إدارة الانتباه. ولكي تكون الشركات قادرة على إدارة الانتباه بصورة فعَّالة، فإنه يتعين عليها تطوير طرق قياس الانتباه وتوجيهه داخل الشركة، عن طريق تطبيق طرق منهجية وشاملة لقياس انتباه موظفيها حتى تستطيع إدارة هذا الانتباه وتوجيهه في المجالات التي يمكن استثمارها، ومراعاة العامل النفسي من خلال تصميم رسائل التسويق لمخاطبة الاحتياجات الأساسية كوسيلة لتوليد انتباه العملاء، كما أن الحصول على الأساليب التقنية التي تتيح شحذ انتباه الموظفين في الاتجاه المرغوب وتنميته يعتبر من أهم أدوات إدارة الانتباه، إضافة إلى تطوير طرق إكساب الموظفين مهارات إدارة وتنمية الانتباه، حيث يمكن للشركة الاستفادة من الصناعات المتخصصة في جذب الانتباه مثل الإعلاات والأفلام في إيجاد تطبيقات مفيدة لمنسوبيها. والشركات التي تتعلم مهارات وتقنيات إدارة الانتباه ستضع نفسها في مكان يؤهلها للنجاح في المستقبل، إذ إن الاقتصاد القائم على الانتباه يزداد نموًّا وتوسعًا في كل يوم. ومن أبرز مجالات وتطبيقات الانتباه القائمة والمتوقعة التجارة الإلكترونية، فإذا لم تستطع الشركة الإلكترونية أن تجذب الزوار عبر الإنترنت فلن تحقق أي نجاح على الإطلاق، فالمواقع الإلكترونية الجذابة هي التي تغري الزوار وتستحوذ على انتباههم، وتشجعهم على العودة إليها مرارًا وتكرارًا. كما أن هناك علاقة مباشرة بين القادة الناجحين والانتباه، فهم يبحثون دائمًا عن الطرق والوسائل التي تساعدهم على إدارة وتركيز انتباههم وانتباه مرؤوسيهم على المهام المطلوبة، فالمدير الناجح هو الذي يشجع الآخرين ويحفزهم على أن يقتدوا به ويفعلوا مثله.