زكية إبراهيم الحجي
مع شيوع منصات التواصل الاجتماعي ووسائط تبادل المحادثات المكتوبة والمرئية يرى بعضهم بأن هناك أزمة تواجه اللغة العربية وتتمثل هذه الأزمة في عزوف الكثير عن استخدام لغة عربية صحيحة للتواصل مع الآخرين.. فهل هذا العزوف مرده تدني اللغة لديهم أم أنه تهاون وعدم اكتراث بلغتنا العربية الجميلة والسعي لتهجينها بمفردات أعجمية بدواعي التباهي والتفاخر.
لا يخفى على أحد الدور الكبير الذي تلعبه وسائل التواصل الاجتماعي في حياة الفرد والمجتمع فهي قد تكون رأياً عاماً تجاه قضية من القضايا كما يمكنها أن ترتقي بالإنسان معرفياً وتربوياً ولغوياً إذا أحسن الفرد استخدامها.. وعلى النقيض من ذلك كله فقد تكون ذات تأثير سلبي إذا أصبحت أداة لإفساد الذوق العام واللسان واستلاب الهوية الثقافية أوصاحب أسلوب تعبير مستخدميها الضعف اللغوي وشيوع الأخطاء المتمثلة في النحو والإملاء والتراكيب الركيكة والازدواجية اللغوية أوكما يسميها بعضهم الثنائية اللغوية إلى غير ذلك مما يقلق أهل الغيرة عليها ومما يؤدي أيضاً إلى توجه لغوي متدن خاصة لدى فئة الشباب الذين هم أكثر رواد مواقع التواصل الاجتماعي.
وبكل تأكيد إن مواقع التواصل الاجتماعي ليست وحدها السبب المباشر في تدني المستوى اللغوي للغة العربية لدى غالبية المستخدمين فقد يكون السبب وراء هذا الضعف خللاً في طريقة تدريس مناهج اللغة العربية للشباب منذ الصفوف الأولية أو اسناد تدريسها لأشخاص غير متخصصين في مواد اللغة العربية فينشأ قصور وتدن قد ينتج عنه صدمة لغوية تمس جانباً مهماً من النسق اللساني للغة العربية الفصحى، إن الاستخدام السلبي للغة العربية في شبكات التواصل الاجتماعي لا يشكل خطراً على اللغة العربية فحسب بل على الهوية الثقافية فالآثار المترتبة تنتقل من العالم الافتراضي إلى العالم الواقعي والدليل يتجسد فيما يعاني منه كثير من الشباب وحتى بعض الأكاديميين من ضعف وتدن في مستوى التمكن من مهارات اللغة العربية وقواعدها الأساسية فما تنتجه المدارس تتلقفه الجامعات ويظهر ذلك من خلال التغريد في العالم الافتراضي.. حيث يغيب توظيف قواعد اللغة العربية الصحيحة.. ويكثر الخلل في بناء الجمل فنقرأ تعبيراً مشوهاً مليئاً بالأخطاء الإملائية وعدم التفريق بين حروف الهجاء المتقاربة مثل «ض.. ظ»ز.. ذ»خلال الكتابة يُضاف إلى ذلك عدم احترام مواضع الهمزات نتيجة الجهل.
اللغة العربية وكما يذكر الرافعي: كالكائن الحي تنمو من باطنها بما أُتيح لها من عوامل نموها المستمر مع بقائها متميزة في أصلها.. ومن ضروب نموها»الإبدال والقلب والاشتراك والترادف والتضاد والتوليد وغيرها.. فهذه الضروب المتنوعة من النمو تحدد في جملتها أجزاء اللغة وتصف تاريخ اتساعهم فيها»لغتنا العربية لغة واسعة وجميلة.. بالمقابل فإن جميع وسائل التواصل الاجتماعي كسرت الحواجز فإذا لم نحترم لغة الضاد في ما نكتبه في هذه الوسائل فلن يحترمها غيرنا وإن أسقطناها من فكرنا ولساننا فلن يرفعها أحد.