فهد بن جليد
أخيراً غدر فيروس كورونا بأحد أكثر الرابحين منه مصانع (القفازات والكمامات)، أكثر من 28 مصنعاً للقفازات في ماليزيا وحدها تم إغلاقها بالكامل نتيجة تفشي الفيروس بين العاملين فيها، رغم أنَّ مخاوف العالم من كوفيد-19 وإرشادات السلامة ونصائح الأطباء ساهمت في جني هذه المصانع أرباحاً بـ(مليارات الدولارات)، إلاَّ أنَّ ضربة موجعة شلَّت الإنتاج في هذه المصانع بشكل مُفاجئ، الأمر الذي دلَّ على أن لا أحد في مأمن من الإصابة عند التراخي والتساهل أو ترك فجوة ما يعبر منها الفيروس مهما كانت الاحتياطات الأخرى مُتبعة.
التقارير تشير إلى أنَّ قدوم آلاف الأيدي العاملة من نيبال وإقامتهم في مجمعات سكنية مزدحمة، كانت الشرارة الأولى للعدوى بهذا الشكل، الأمر الذي يدعو إلى الانتباه مُجدَّداً لهذه النقطة تحديداً (السكن المزدحم) للعمال، وهي الخطوة التي تعاملت معها وزارات الصحة والشؤون البلدية والقروية والموارد البشرية والتنمية الاجتماعية منذ وقت مبكر مع التصدي للجائحة، وساهمت جولات التفتيش الأمنية في تطبيق النظام حيال التباعد فيها وضمان تنظيمها ووضع اشتراطات وحلول أدت إلى أقصى درجة ممكنة من الأمان في ذروة تفشي الفيروس، الفكرة الأجمل التي طال انتظارها لمعالجة سلبيات مثل هذه التجمعات التي ثبت خطرها من أكثر من زاوية هو الاستفادة من تفاعل المجتمع مع الجائحة في هذا الوقت، لإعادة تنظيم (سكن العمال) بشكل صارم وشامل ودائم، وتفعيل كل الضوابط المأمولة وإيجاد مجمعات نموذجية تقدّم حياة كريمة وآمنة للجميع.
تطوير سكن العمال وإيجاد ضوابط ومعايير للبناء والتشغيل ضرورة ملحة من عدة جوانب أمنية واجتماعية ومهنية، وهي بالمناسبة فرصة واعدة للاستثمارات العقارية والمشاريع التنظيمية والتشغيلية، وفرصة أكثر للتخلّص من السلبيات والقضاء عليها بشكل نهائي، وإعادة تنظيم هذا النوع من السكن والتجمع العمالي الذي يهدف العامل منه للتوفير المالي فقط على حساب صحة المجتمع وسلامته، وهو ما يزيد من فرص تفشي العدوى أو نقلها كما رأينا في مصانع القفازات، خلافاً للكثير من التصرفات والسلوكيات المرفوضة التي يمكن القضاء عليها والتخلّص منها للأبد، إذا ما تم التعامل مع هذا الملف بالشكل المطلوب.
وعلى دروب الخير نلتقي.