يبقى الجدل دائراً حول مفهوم حرية الرأي، وحدود هذه الحرية التي تبقى الحلقة المفقودة في تعريفها، ومفهومها الخاص، بين المعقول وغيرالمعقول، في ظل غياب أي تشريع أو قانون يجرم أو يحاسب أي تجاوزات لهذا المفهوم الفضفاض غير المحدود.
يستغل بعضهم مفهوم حرية الرأي، كأداة للإساءة للرموز الدينية أو للدين نفسه، مما يعكس الصورة السيئة لهذا المفهوم في استفزاز مشاعر الآخرين الذي ينشر الكراهية والفرقة في المجتمع الذي تربطه عوامل كثيرة مشتركة غير الدين والمذهب.
لا تخلو أي تركيبة سكانية في كل أنحاء العالم من مكونات عرقية أو دينية مختلفة، وهي بطبيعة الحال تسعى للتعايش بسلام وأمان، إلا أن بعضهم يحاول نشر الكراهية والتفرقة والتمييز العنصري، من خلال بث الأفكار العدائية ضد من يختلفون عنهم في اللون أو العرق أو الدين والذي ينعكس سلباً على استقرار هذه المجتمعات المتجانسة والمتسامحة، حيث تشعل شرارة الفوضى وعدم الثقة، الذي يولد العنف والقتل في بعض الأحيان.
يبقى ازدراء الدين الإسلامي وربطه بالإرهاب، من الأشياء التي شكلت حاجزا كبيرا بين المسلمين وغيرهم في المجتمعات الغربية، حيث يشكل المسلمون نسبا كبيرة وتعتبر من أهم وأحد مكوناتها الأساسية التي لا يمكن تجاهلها في هذه المجتمعات، التي تعتبر الديمقراطية أساساً لأنظمتها وقوانينها ونمط حياتها، وللأسف هذه الدول كان اهتمامها بالشكل الخارجي للديمقراطية وأهملوا الجوهر الأساسي، في بناء المجتمع بالشكل الصحيح، فلم نر تجريما أو تحريما لمن يحاول نشر الفتن ويدعو للتفرقة، وسن قوانين وتشريعات ضد أي اعتداء يسيء أو يساهم في نشر المعتقدات الفكرية المتطرفة، استناداً على مبدأ حرية الرأي الذي يسمح لأي شخص يحمل فكرا متطرفا، في زرع الفتن أو فكرا يهدم المجتمع، ويجب تعزيز وبناء العلاقات في المجتمع على أساس التسامح واحترام الغير.
ولا يخفى على أحد دور المملكة العربية السعودية البارز في بث روح التسامح في العالم أجمع، حيث قامت بتأسيس مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات «كايسيد» وهي منظمة دولية تم تأسيسها عام 2012 من قبل المملكة العربية السعودية وجمهورية النمسا ومملكة إسبانيا، والتي تهدف إلى التسامح بين الأديان وإلى نشر الأمن والاستقرار في العالم، وهي استمرار لأهداف المملكة الداعم للتعايش والتواصل الحضاري بين الشعوب والأمم واحترام اختلاف الثقافات، وفق ما قامت عليه المملكة منذ تأسيسها، وبما تدعو إليه رؤية مملكتنا الحديثة في ضرورة نشر ثقافة التعايش والتواصل الحضاري بين الشعوب والمجتمعات، وتعزيز روح الحوار المشترك، ونشر ثقافة التعايش السلمي بين مختلف الثقافات، ومبدأ الاحترام المتبادل بين المجتمعات، الذي يبرز جهود المملكة في نشر السلام والمحبة في العالم.