عبدالعزيز السماري
من التحديات التي تواجهها المجتمعات العربية هي مسألة الالتزام باتباع قانون واضح وشفاف وترجع إليه مختلف مسائل حياتهم اليومية، لذلك يجد بعض المهاجرين العرب صعوبة في التأقلم في المجتمعات الغربية، فالحياة هناك مكبلة بالقوانين ويعيش الناس في حياة تقوم على الرصيد الأخلاقي، لذا التزم الإنسان باحترام العهود والحقوق وعدم تجاوزها تزداد مصداقيته، وتعتبر له رصيدا سلوكيا عاما منضبطا.
يعرّف عمومًا القانون على أنه نظام من القواعد التي يتم إنشاؤها وتطبيقها من خلال المؤسسات الاجتماعية أو الحكومية لتنظيم السلوك، ومن أجل صورة أوضح، تطبيق القانون بأضلاعه التي تقوم على العدالة والحقوق والمساواة يؤدي إلى تقويم سلوك الإنسان، وتجعل منه منضبطاِ في إطار أخلاقي لا يقبل أنصاف الحلول.
تجادل هذه المقالة بأن للقانون مهمة أساسية من خلال توضيح إمكانية وجود مجتمع ملتزم بشكل علني، ومن خلال إظهار كيف يمكن إنشاء مثل هذا المجتمع والحفاظ عليه، وتتضمن هذه المساهمة تطبيق نماذج نفسية منطقية للقيم الاجتماعية لمفاهيمنا حول كيفية الحفاظ على سيادة القانون بشكل فعال.
تتطلب سيادة القانون الفعالة أن يمتثل المواطنون للقواعد التنظيمية المنصوص عليها في القانون والتي تنفذها السلطات القانونية، وتستند المناقشات حول هذا الامتثال إلى فكرة أن السلوك المخالف للقانون يتم ردعه بسبب خطر الإمساك به ومعاقبته على ارتكاب مخالفة، وإن المجتمع الذي يحترم القانون هو المجتمع الذي يتم فيه تحفيز الناس ليس بسبب هذه المخاوف، ولكن بالأحرى من خلال الرغبة في التصرف بطرق أخلاقية ودقيقة اجتماعيًا، مثل هذا المجتمع منظم ذاتيًا، لأن المواطنين في داخله يأخذون على عاتقهم مسؤولية اتباع القانون.
التركيز على القيم الاجتماعية التي يحتفظ بها الجمهور هو أحد المكونات الرئيسية جهدًا لإنشاء نظام قانوني والحفاظ عليه، وترتبط فعاليته بموافقة المواطنين وتعاونهم، ويُشار إلى مثل هذا النظام القانوني على أنه مجتمع «يلتزم بالقانون» لأنه متجذر في رغبة المواطنين في الخضوع طواعية للسلطات القانونية، وأي مجتمع يحترم القانون، ويتبع فيه معظم المواطنين القانون ويطيعون السلطات القانونية طواعية يكون مهيأ للخروج من حالة الصراع إلى الوفاق، لأنهم يوافقون أساسًا على التنظيم القانوني ولديهم الدافع للتعاون مع السلطات القانونية، وهو ما يجعل من فرض السلطات القانونية وإجباره من خلال التهديد بالقوة أو استخدامها لأساليب الترهيب ليس بالطريق النموذجي.
لذلك لكي يكون لديك مجتمع يحترم القانون، يجب أن يكون لدينا نظام مجتمع يتمتع فيه المواطنون بقيم اجتماعية تدفعهم إلى الشعور بالمسؤولية عند اتباع القواعد، بغض النظر عن احتمال تعرضهم للقبض عليهم ومعاقبتهم لخرق القواعد، ولهذا عندما تكون القوانين واضحة ومنصوص عليها ومنشورة، يكون المواطن في حالة من الوعي، تجعل منه يتقبل العقوبة إذا تجاوزها، وهو الوعي المتفوق، والذي لم يصل إليه المواطن في بعض بلاد العرب إلى اليوم لأسباب كثيرة منها التضاد الأيدولوجي وارتفاع نسب الأمية المعرفية!