د. محمد عبدالله الخازم
بعيدًا عن السياسة ومكاسب العالم بانعقاد قمة العشرين على أرض المملكة، وهي حتمًا مكاسب عديدة على مختلف الصعد، الاقتصادية والصحية والسياسية وغيرها، ولها خبراؤها وأهل المعرفة الذين يناقشون تفاصيلها بشكل موسع.. بإمكاني الإشارة إلى مكاسب حصدناها في طريق صنع وتنظيم القمة ومكوناتها على مدى عام كامل.
القمة لم تكن مجرد اجتماع، بل حلقات نقاش ودراسات ومجموعات عمل على مختلف الأصعدة وفي مختلف المجالات. وقد أعجبني خلال حراك الندوات واللقاءات والحلقات المختلفة بروز أجيال جديدة من الكفاءات السعودية الواعدة والمتحمسة والنشطة على مختلف الأصعدة، سواء في التنظيم أو الإعلام أو المشاركات العلمية وغيرها.
وبشكل أكبر، كان ملحوظًا منح المرأة مساحة أكبر للمشاركة. وقد قدمت المشاركات، سواء أكاديميات أو مشاركات في مختلف أوجه التنظيم والإدارة، وجهًا جميلاً لكفاءتهن وقدراتهن.
أشيد بالجميع، هذا المطلوب أن تكتسب الأجيال الجديدة الخبرات المتنوعة، وأن يُتاح لها تقديم نفسها بشكل ممتاز. سيقلق جيل الكبار على أماكنهم، لكن هذه سُنة التطور. ونسعد بتميزهم.. المستقبل لهم، وقد أبدعوا. شكرًا لمن منحهم الفرصة، ويحق لهم أن يتباهوا بالنجاح.
الملاحظة الثانية، بالذات في ظل جائحة كوفيد19، كانت في العمل التقني الجبار؛ إذ عُقدت عشرات الورش واللقاءات والحلقات الافتراضية، بما في ذلك لقاءات القمة بشكل افتراضي. ولم تخذلنا التقنية، ولم تخذلنا الكوادر السعودية في هذا الجانب، وأتت الاستثمارات الكبرى في مجال تقنية المعلومات بنتائجها المميزة. جميع الجهات شاركت، ولا نريد أن نغبط أحدًا حقه، لكن - بلا شك - الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي قادت المنظومة التقنية بشكل مذهل في هذه القمة ومناشطها المختلفة، وفي ظل جائحة فاجأت العالم بأكمله.
الملاحظة الثالثة يمكن ملاحظتها في الجانب الإعلامي؛ فقد قدم إبهارًا بصريًّا حديثًا كبيرًا جدًّا، وهذا جزء مهم من الإعلام. كما قدم محتوى يتناسب كذلك مع معطيات الحدث وظروفه المحيطة، وفي ظل جائحة كورونا التي حدت من التحركات.
نحتاج إلى مراس أكبر في هذا الجانب على المستوى العالمي. التقدير لما قُدم من عمل كبير في هذا الشأن، وتجاوزه الإعلام النمطي المعتاد.
ولا بد أن أذكر بعض الملاحظات بأن مخرجات القمة وندواتها وحلقاتها وأبحاثها وتوصياتها خلال عام تستحق أن تُفهرس وتُنشر على مختلف المستويات ذات العلاقة؛ ليتسنى الاستفادة مما فيها من أفكار وقرارات ونقاشات. لعل إحدى الجامعات أو معهد الأمير سعود الفيصل الدبلوماسي تتبنى تأسيس مركز أو مكتبة، تُعنى بهذا الأمر، وبمواصلة الأبحاث والدراسات ذات العلاقة، وكذلك تكوين حلقات تعاون مع مراكز مماثلة في دول العشرين، أسوة بما فعلته جامعة تورنتو في هذا الشأن.
لم تكن الظروف طبيعية أمام هذه القمة مقارنة بما سبقها من قمم بسبب جائحة كورونا، لكن بالهمة والعزيمة والدعم قدمت بلادنا عملاً مميزًا، عكس ثقتنا وقدراتنا في مختلف الجوانب.
نبارك لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ولسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- نجاح قمة دول العشرين، ونهنئ كل مَن أسهم وشارك في صنع هذا الإنجاز.