رمضان جريدي العنزي
في حياتنا أطياف وألوان من الناس، بعضهم أسعدنا، وبعضهم أساء إلينا، بعضهم كان تجربة مريرة، وبعضهم كان درساً بليغاً، بعضهم كان عبرة وعظة، وبعضهم الآخر مثل ورقة شجرة يأخذها الريح أينما يشاء، بعضهم مر كسحابة صيف، وبعضهم كالطود ثابت وقائم، بعضهم من حمل الغيث في قلبه، وبعضهم أتى لنا بالزوابع والطوفان، بعضهم أعتم الروح، وبعضهم أصابها بالنشوة والهناء، بعضهم سجل حضوراً دائماً، وبعضهم غياب مستمر، بعضهم مبارك ونافع، وبعضهم غير مبارك وغير نافع، بعضهم أضفى علينا بهجة وسروراً، وبعضهم جلب لنا الكآبة والعبوس، بعضهم فتح لنا نوافذ الأمل، وبعضهم أغلقها بالشؤم والنكد، بعضهم كان لنا طيفاً جميلاً، وبعضهم رماداً وسواداً، بعضهم رسم لنا الحياة ربيعاً وحقولاً وحدائق يانعة، وبعضهم ترك في دواخلنا بما يشبه السكين والدبوس والخنجر، بعضهم رسم على شفاهنا البسمة، وبعضهم أماتها فيها، بعضهم مثل قلم رصاص سرعان ما ينكسر وينمحي خطه وأثره، وبعضهم مثل ريشة فنان لونها ثابت ورسمها باهٍ، بعضهم جعل الوجود حولنا حياً ونابضاً بالحياة والأمل، وبعضهم أحاله إلى سواد حالك، بعضهم اهتم بنا، وسأل عنا، وأشعرنا بأهمية وجودنا وذاتنا، وبعضهم كسر فينا روح الحياة وأعتم بهجتها، وجلب لها الهزيمة، بعضهم مارس علينا الغيبة والنميمة، وهمز بنا ولمز، وبعضهم كان بلسماً شافياً لجرح كبير، بعضهم كان لنا عطراً وبخوراً وشذى، وبعضهم كان رائحة كريهة أصابتنا بالضيق والكتمة، بعضهم كان لنا مخملاً وديباجاً وحريراً، وبعضهم كان لنا شوكاً وحنظلاً وطيناً، طيوف وألوان وأنواع من الناس كانت وما زالت حولنا، بعضهم طبع بصمة، وترك أثر، وبعضهم مر كالبرق سريعاً لا يلوي على أحد، أطياف من الناس تواصل البحث عنا، ونواصل البحث عنها، وأفضلهم وأنبلهم وأرقاهم وأصفاهم الذي دائماً معنا في السراء والضراء، والسر والعلن، رقيقاً لطيفاً ودوداً صادقاً صدوقاً، حاضراً ومسانداً ومرشداً وناصحاً ودليلاً.