عندما يسألك أحد ما معنى الكبرياء، فلن تجد له شرحاً أفضل من أن تقول له الكبرياء لغة ومنهاجاً هو: الهلال!
ومن يريد أن يفهم الشموخ والسؤدد فتصفح معه كتاب الهلال..
ومن يتعلم الفلسفة الهلالية والمناهج الزرقاء سيعرف معنى القوة بحب والغضب بحزم وعزم..
يوم 24 نوفمبر2019 كان مفترق طرق، وكان الهلال فيها الآمر الناهي في الطرقات...!
ليس غريباً أن يفوز الهلال ببطولة آسيا، لكن فوز الهلال تلك الليلة أعاد كتابة المشهد الرياضي محليا وقاريا من جديد!
نادي الهلال زعيم آسيا الأول وجد نفسه محاربا من الجميع، شيء من تلقاء نفسه وشيء من عبث عابثين، كان كل شيء يقول له تفضل وتصدر، والكل يراه وحده الأحق والمستحق.. لكن ظلمت آسيا نفسها وجارت على الهلال كثيرا وخسرت أن يتوج بها ويتربع على عرشها!.
الهلال في ذلك النهائي الحلم، دخل ليقول كلمته، والهلال عندما يقول كلمته، يجب ألا تنصت له فقط، بل تتعداه لأن تقول والله لن نغضبك ثانية!
ذاك الموسم بالتحديد كيف تم التطاول على الهلال من كل اتجاه.. من قريب أو من بعيد، غمز وهمز ولمز ولكز!
حرب تعدت المستطيل الأخضر لتتجاوز العرف والعادة وتجرنا لمستنقع لا يليق بنا أبداً!
ولأن الهلال بدر السماء فهو ينطق بالحق أمام الملايين كلها، دخل تلك المباراة ليقول لهم: كفاكم عبثاً، ستعرفون الآن كيف هو العبث...؟ أما شبعتم سخرية مني تعالوا لأخبركم ما هي السخرية الحقة؟
وتحول مساء الأحد الرابع والعشرين من نوفمبر لمجانيق من لهب مزقت كل شيء وأرعبت كل شيء وجاء الحق الأزرق ليبطل كل باطل!
تلك المباراة أعادت الأساطير والمعلقات والإلياذات الشعرية، وجعلت الكل يعرف ما هو حجمه وما هي حقيقته وأين هو مكانه الطبيعي...؟
شئنا أم أبينا، مهما تنافست الفرق على زعامة آسيا، يجب ألا ننسى أن هناك شيئاً اسمه الهلال، والنسيان هذا هو ما جعل آسيا تستفيق من حلم غصبها الكل عليه لعقدين من الزمان ألا تهنأ بالهلال سيدا متوجا عليها.. لا شيء كولاية الهلال الرياضية في المشهد الرياضي تشعر حينها أنك في كنف قوي أمين مؤتمن..
فاز الهلال ذلك اليوم ليشكك الكل في ثوابتهم قبل متغيراتهم!
فاز الهلال، لنعرف أن الكبار وحدهم ينتصر لهم الكبرياء ويأبى عليهم أن يمس جاههم وسلطانهم بضرر!
فاز الهلال، ليحتفظ دوري أبطال آسيا ببقايا منافسات جميلة لا تكاد تكتمل وهناك من يلعب بالنار!
فاز الهلال ليغادر الأقزام المشهد.. وتنصب لهم المشانق.. وتصطف المنصات ليعتليها زعيم نصف الأرض.. ويعلو صيت الحق الهلالي المبين..
نجاح الهلال وتميزه له فلسفة خاصة، مستمدة من كونه دائماً على قلب رجل واحد، لم يكن ينتصر دائماً، لكنه ما كان يخسر أهله وجماهيره طويلا، بل يعود إليهم وهو أكثر قوة ونضارة..
جولة بسيطة في تاريخ الهلال خلال العقدين الماضيين تؤكد لنا أنه في واد والأندية الأخرى في واد.. وذلك لم يتحقق في يوم وليلة، بل جاء نتاج عمل مضن وتراكمات خبرات مع رجال صدقوا مع الهلال فصدقهم كل محبيه وكانوا على العهد والوعد، وهذا ما يميز الهلال عن غيره..
وأخبرتنا سنن الرياضة الكونية أن من يرجف في حق الهلال سيجعله الهلال يرتجف عما قريب.. ومن سيستلم لمثل هؤلاء سيلقي بيقينه بالهلال في خبر كان، نحن الهلاليين لم نعرف الهلال إلا كجملة فعلية تصنع أجمل معاني الفوز..
كلنا يعلم أن قوة الهلال كانت وما تزال في جماهيره، فبعد الله عز وجل هم اللاعب الرئيس والقادر على ترجمة كل شيء إلى منجزات وبطولات..
وجماهير الهلال لم تعد ترضى بأي شيء، حتى لو خرجت من الموسم ببطولة واحدة فهي تظل مقتنعة باستحقاقها أكثر من ذلك..
والكل كان ينظر في الشاشات يتابع مباراة هلال 24 نوفمبر بوجل ولهفة وصرخات وآهات تجعلك تؤمن أنك في حضرة نادٍ عظيم..
وتوج الهلال ومحبوه بعد عودتهم من ملحمة 24 نوفمبر بمسيرات احتفاء وحفاوة لم ينلها ناد سعودي قبل.. لأن من احتفى بالهلال عظيم.. ولأن المحتفى به يستحق.. ولأن ما تحقق رفعة وسمو للوطن قبل كل شيء.. والهلال خير من مثل الوطن وأعلى اسمه في المحافل..
الهلال يمارس الدبلوماسية الناعمة المؤثرة من خلال ما يبدع ويتفنن فيه.. لذا كان سفير النوايا الحسنة والمسؤولية المجتمعية وقبل هذا وبعده سفير أغلى وطن..
بمثل هذه التفاعلات والإنجازات المقدرة نتشرب حب الهلال.. ونتعلم أبجدية التشجيع الفطري.. ونعرف معنى أن تلبس شعار نادي الهلال، وأي شرف هو.. وأي مسؤولية تنتظرك بعدها؟!
الغرام بالهلال يمنحك القوة ويشعرك أنه مميز عن الكل.. تستلهم منه المجد والعلياء.. وتعرف معنى أن تنتمي لكيان يعزك كل حين رياضي..
وها هي السنون تنتصر للأزرق وتنصفه، ممن يعادونه ويتصيدون له يتخبطون ويتقهقرون.. والهلال باق لم يتغير إلا للأفضل.. لا تزيده السنون إلا إنصافا ومجدا وانتصارا..
ومهما اتهموا الهلال وتطاولوا عليه بكل شيء.. ترتد تهمهم عليهم فيتساقطون واحداً تلو الآخر.. ويمضي الهلال قدما ولا يلتفت لهم.. ويبدو أنهم نسوا أو تناسوا أنه لا يهتم...!
من لم يعشق الهلال.. لن يعرف للرياضة طعما..
ومن لم يفتتن بالهلال فقد ضيع حياته الرياضية كلها..
ومن لا هلال في حياته لن يعرف للفرح طريقا..
24 نوفمبر يوم انتصر للهلال.. فأعلى الهلال ذكره بين أيام العالمين..
** **
- خالد الباتلي